النهارمقالات

شو ناقصك؟

كانوا يسألونني دائماً: "شو ناقصك؟". فالمدرسة صنفتني كسولاً، أو مشاغباً. "شو قصتك؟"، تقول لي حكايات جدتي، عن "بساط الريح"، وتقول لي القصائد المجبولة بتاريخ عشاق لن يموتوا.
سأقول "شو ناقصني".
أنا، طفلاً، فرضت عليّ لغة أولى، ثم لغة ثانية، ثم لغة ثالثة.
أنا، مراهقاً، طردت من مدرستي، لأني لم أقبل صفعة من مدرّس التربية الوطنية، وطردتُ من نفسي لأني قبلتُ صديقتي، في غفلة من الناس.
وبعد، أنا، شاباً خيرّني الزعيم، "إما هنا وإما هنا"، وحيّرتني أميركا: "إما معنا وإما ضدنا"، وحيّرتني الكتب: "إما تسكت وإما الموت".
أنا إنسان لم يجد إنسانية، و"ابن آدم" لم يجد "أوادم"، وعاشق لم يلتقِ بعشاق.

أنا تاجر فاشل، يبيع كتبه المدرسية كل سنة بربع سعرها.
وأنا مطرب، ملّ من صوته كرسي الحمام.

ضمن "قرطة عالم مقسومين"، سأقول "شو ناقصني؟".

أنا جيل فُرض عليه دين، ودين فرضت عليه قضية. أنا مناضل تنقصه قضية. أنا قضية ينقصها قاضٍ، وأنا قضاء ينقصه قدر. أنا فحولة تنقصها أنوثة. أنا رجل بلا أنوثة. أنا طفل بلا رجولة، ورجولة تنقصها طفولة.
في اختصار، أنا ينقصني وطن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق