تتحفنا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، بأخبار عجيبة عن القدرات الخارقة لرجال الأمن، الذين يعتقلون سارقاً من هنا، وعصابة من هناك.
فتارة نسمع عن شباب يحششون جهاراً، نهاراً، وطوراً عن سارقين يصطادون النساء من جزادينهن. تؤلمنا بحق أخبار السارقين الذين لا يجدون أحياناً عند الناس ما يُسرق، فيتوجهون إلى أماكن العبادة الطافحة، وهذا "طبيعي"، في زمن القحط.
فهذا سرق صندوق الكنيسة، وذاك سرق الأحذية من أمام الجامع، وآخر نشل أحد المصلين.
كما نسمع عن سارقي السيارات، الذين يعاملون السيارة بحنان إلى أن تدفع الفدية. لكن لا يخافنّ أحد منكم، فبعد أن تتعرضوا للسرقة أثناء تأدية صلوات التضرع أملاً بانفراج الحالة، سيقبض رجال الأمن على السارق وتعاد إليكم مسروقاتكم. اطمئنوا، فبعد أن يُقتل أحدكم، سيحاكم القاتل وقد يوافيكم إلى العالم العلوي أو السفلي.
لكن، إذا سلّمنا جدلاً أنّ مهمة رجال الأمن هي القبض على المجرم وليس منعه من ارتكاب الجريمة، وإذا طنّشنا وقلنا أن السرقة ظاهرة اجتماعية موجودة في جميع الدول في العالم، فلماذا يقتل الأب أبناءه، ولماذا تذبح الأم رضيعها، ولماذا ابن الأربعة عشر ربيعاً يقتل صديقه، وابن السبعة عشر يموت بجرعة زائدة؟
أنا سأقول لماذا: تعرفون، أنّ الشاب اللبناني يتمتع بكل ما يحلم به أي شاب في العالم. فهو يدرس في جامعة محترمة، ويقول ما يريد، أنّا يريد وكيفما يريد. وهو يقبض راتباً خيالياً، يجعله في غنى عن السرقة، ويحكمه سياسيون زاد احترامهم عن الحدّ. لذا، يضجر الشاب اللبناني، فيفكر حينئذ بالسرقة، و"منّو بيتسلّى" ويرى القضبان الحديد التي سمع عنها كثيراً! سأقول لكم أيضاً سبب القتل. فاللبنانيون لم يروا الدم منذ ألوف السنين، لذا، يرغب بعضهم في رؤيته، فيقتل بعضهم بعضاً "عن مزح". أيضاً وأيضاً. سبب اللجوء إلى المخدرات مكشوف. فالمال الوفير الوفير الوفير وانعدام أسباب التفكير يوصلان الشاب اللبناني أو الفتاة أو المرأة أو الرجل، إلى اجتراح طرق مبتكرة في الانفاق.
نكتة جميلة هي حال الشاب اللبناني. ولا لزوم لاختراع النكات بعد الآن، ولا لسردها. يكفي أن تفتح الجريدة، أو تقلب بعض المحطات، لتضحك وتقلب على ظهرك كالصرصار. أو في إمكانك بكل بساطة، أن تتحدث إلى شاب.