مسؤولو الجامعة الوطنية لا يردون على أسئلة الصحافيين المتدربين
زيادة أقساط "اللبنانية" تصيب الفلسطينيين
عندما تشتد وتيرة الأزمة الاقتصادية، وهي ما فتئت تشتد منذ سنوات، تزداد الضرائب على كل شيء، بدءاً بأسعار المواد الغذائية، مروراً بأسعار المحروقات، وصولاً إلى تقليص موازنات المؤسسات التعليمية.
ولم تنج الجامعة اللبنانية من هذا التقهقر المالي، الذي لا بد أن يرافقه تدهور في مستوى الجامعة الوطنية، وتراجع في مواردها، بالتالي تقديماتها، وكان أن بدأت رحلة التدهور مع أولى حكومات الرئيس رفيق الحريري، وما زالت تمشي على الطريق نفسها، مع حكومته الحالية، إذ تراجعت موازنة الجامعة اللبنانية من ما نسبته 6 في المئة من الموازنة إلى ما نسبته 0.75 في المئة (حسب التقرير الذي أعدته حملة الستة في المئة). هذا التناقص التدريجي أثقل كاهل الجامعة، التي حرمت من أعمال الصيانة في بعض مبانيها، وبقيت رهن الوعود في بعض الكليات التي ينقصها ملعب، أو حتى كافيتيريا ليرتاح فيها الطلاب من عناء المحاضرات، لا أن يجلسوا على الأرصفة ما بين الأرجل، بانتظار المحاضرة التالية.
وفي الثامن من شباط (فبراير) 2002، صدر قانون جديد، أقر فيه زيادة مجموع الرسوم السنوية لـ"غير اللبنانيين"، من 245 ليرة إلى 995 ألفاً، أي بزيادة مقدارها حوالي خمسمئة دولار أميركي. تعود إلى الجامعة بحسب القرار. هذا عن مرحلة الإجازة. أما عن مرحلة الدراسات العليا والدكتوراه، فقط جاءت الزيادة بقيمة ألف دولار لـ"غير اللبنانيين" وخمسمئة ألف للبنانيين.
هذا القرار شمل سبعة في المئة من مجموع الطلاب، أي حوالي ستة آلاف طالب. ثلثهم تقريبا (بغياب الاحصاءات واستنادا إلى الاحصاءات عن مرحلة التعليم العالي، بحسب مركز الدراسات والبحوث – وزارة التربية والتعليم العالي – النشرة الإحصائية 2001 -2002) من السوريين، والثلث الثاني من جنسيات مختلفة. أما الثلث الثالث الأخير، فيضم حوالي ألفي فلسطيني، يحملون جنسية المنفى، جنسية المخيم!
ولم يتسن لنا مقابلة رئيس الجامعة اللبنانية، الدكتور ابراهيم قبيسي، لسؤاله عن جدوى هذا القرار، وعن نتائجه المتوقعة، وضرره بالنسبة إلى هؤلاء "غير اللبنانيين" الذي لا يملكون بديلاً عن الجامعات اللبنانية، كما لا يملكون هذه المبالغ المعجّزة بالنسبة إليهم، وذلك بسبب الروتين الإداري والفئة التي ينتمي إليها الرئيس (موظف فئة أولى)، التي لا تسمح له بمقابلة صحافي متمرن، لأنه "برتبة وزير"، كما قال رئيس المصلحة، الذي نصحني بعدم نشر هذه الأسباب و"إلا، فنحن نملك الرد".
هذا القرار الذي يرمي إلى زيادة واردات الجامعة هو رهان خاسر، لأن الطلاب السوريين يفضلون الدراسة في سورية، على دفع أكثر من ثلاثين ألف ليرة سورية (660 دولارا)، والطلاب العرب الذين يملكون بديلاً عن لبنان، كتونس وبعض الدول الخليجية، قد يرحلون، لأن قيمة الإقامة، زائد قيمة رسم التسجيل، زائد الغلاء الفاحش في الأسعار، سيدفع هؤلاء إلى اختيار العودة، مهما كانت أسباب البقاء. ولن يبقى في هذه المصيدة سوى الطالب الفلسطيني الذي سيغرق بين نار الخروج من الجامعة إلى أزقة المخيم التي ستضيق على بطالته، ونار العمل ليلاً ونهاراً، وتقديم الطلبات إلى جميع المؤسسات الخيرية والجمعيات التي تساعد، طلباً لإكمال دراسته، تماما كما حصل مع سماح، المتحدرة من أسرة الفران، من "يافا"، التي لم تسمع عنها سوى في نشرات الأخبار وعلى ألسنة "الكبار"، ونعرف عنها ما توصله كتب الجغرافيا والأفلام الوثائقية.
سماح قدمت طلب مساعدة "لإتحاد الطلبة الفلسطينيين"، الذي يؤمن لها حوالي ثلاثين دولاراً شهرياً، لمساعدتها في دفع بدل النقل للوصول إلى كلية العلوم الاجتماعية، البعيدة من مخيم "برج البراجنة" حيث تسكن في غرفتين، مع أب عاجز وأخت مشلولة، وأم لم تعد قادرة على تغطية كل هذه التكاليف المرهقة.
"الحق بالتعلّم"، حق تكفله شرعة حقوق الإنسان، كما تعاقب القوانين الدولية على التمييز بحسب العرق أو اللون أو… "الجنسية". فكيف بهؤلاء الذين لا يمكلون جنسية سوى التهجير القسري والذل اليومي والعوز.