في الإنتخابات الأخيرة لنواب في مصر قبل الثورة حصل نواب مبارك على 100 % من المقاعد. فكانت ثورة المطرودين من المؤسسات. لو سمح مبارم لـ40 % من المعارضين بدخول البرلمان لما قامت الثورة. في لبنان سيحصل الأمر نفسه بعد انتخابات 2013. "النظام"، برؤوسه الطائفية المتناقضة لكن المتحالفة على تسويات ضدّ "المواطن"، سيحاول الإتيان بـ100 % كما في 2005 و2009.
ناشطو "النسبية" و"الزواج المدني" ومسلحو طرابلس وآل المقداد والشيخ الأسير، كلّ هؤلاء "ثوّار"، منهم السلفيون ومنم الإخوان ومنهم الزعران ومنهم اليساريون ومنهم المدنيون ومنهم الوسطيون. كلّ هؤلاء يدعسهم فراعنة الأحزاب والمحادل الطائفية، ولا إمكانية لاتقاء شرّ صحوتهم إلا بأن يتنازل "النظام اللبناني" عن بعض مسروقاته، بدلا من أن ينتزعها الثوار بالقوّة.
في الإنتخابات الأخيرة التي أجراها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في مصر، حصل صبيته على المقاعد النيابية كلّها. 100 %. بعدها صار الورم الشعبي كبيرا إلى درجة أنّه تحوّل دمّلة عملاقة توزّعت على ميادين المدن، وصارت ثورة حقيقية.
لو أنّ مبارك سمح للنظام المصري باستيعاب ولو 40 % من المعترضين، محتفظا لنفسه بـ60 % من الصبية، لما قامت الثورة. لو دخل إلى مجلس النواب المصري ممثلو الملايين العشرين التي شاركت في الثورة، لما استطاعوا حشد الملايين في الشارع. فالذين يستطيعون التأثير من داخل المؤسسات لن يخرجوا عليها. أبناء "السيستام" لا ينقلبون عليه. يحاولون تغييره من الداخل إذا أمكن.
لبنان، الذي هو "فكرة" الشرق العربي، والذي انعكست تجربته على العراق منذ 2003، وتنعكس على سوريا هذه الأيام، لطالما تأثّر بالمثال المصري. والعلاقة "الفكرية" بين مصر ولبنان كانت دائما جدّية.
لبنان، مرآة الشعوب العربية ومركز تجاربها، يبدو على عتبة ربيع تاريخيّ، لكن على الطريقة المصرية. والإنتخابات هي المدخل، كما في القاهرة، كذلك في بيروت وضواحيها.
في انتخابات 2005 و2009 حصل "النظام اللبناني"، من خلال ديكتاتورييه في 8 و14 آذار، على 100 % من المقاعد النيابية. لم يخرق أيّ "مختلِف" لوائح البشّارات اللبنانية، أو فراعنة الطوائف. لكن بعد الثورات العربية لا أعتقد أن انتخابات على طريقة مبارك ستكون مقبولة في الشارع اللبناني.
ليس من دون دلالة أن يكون هناك مطالبون بالقاعدة النسبية إنتخابيا، أمام البرلمان اللبناني، في "اللحظة السورية". وبعدهم يعتصم أمام البرلمان مطالبون بـ"الزواج المدني". الإشارتان هاتان أكبر من القبول باعتبارهما "خارج الموضوع" اللبناني والعربي. هما ركنان أساسيان من لبّ الموضوع.
ففي حين يقاتل أهل حلب وحمص، نظاما ومعارضة، من أجل "عقد إجتماعي جديد" سترسو عليه الحرب الأهلية، يرسم ناشطو لبنان المدنيين ملامح "اللحظة التالية" بعد "اللحظة السورية الحالية. لحظة لا مكان فيها للطائفية. قانون مدني للأحوال الشخصية هو عنوانها، كذلك "النسبية" التي تحمي الأقليات السياسية، كما الدينية والطائفية.
وكما في مصر، كذلك في لبنان، النتيجة ستكون مشابهة في حال الإبقاء على "النظام الحالي"، والسماح له بإدارة "انتخابات تقليدية"، كما في 2005 و2009، وكما في الإنتخابات المصرية التي قضت على مبارك.
الشيخ أحمد الأسير هو نتيجة عدم وجود مجلس شيوخ ولا إمكانية "اختلاف" في صيدا – قانون الستين. كذلك آل المقداد هم نتيجة عدم وجود إمكانية اختلاف في جبيل – قانون الستين، أو في الضاحية – قانون الستين. ورصاص طرابلس يطلقه المسلّحون على المليارديريين ولأن لا إمكانية لـ"أبو عربي" يمثلهم بدلا من مثلث ميقاتي – الحريري – الصفدي.
هذا إلى جانب المدنيين الذي ضربوا مرتين في أسبوع واحد، أمام البرلمان في وسط بيروت، من قبل شرطة رئيس المجلس نبيه بري. كلّ هؤلاء "ثوّار"، منهم السلفيون ومنم الإخوان ومنهم الزعران ومنهم اليساريون ومنهم المدنيون ومنهم الوسطيون. كلّ هؤلاء يدعسهم فراعنة الأحزاب والمحادل الطائفية، ولا إمكانية لاتقاء شرّ صحوتهم إلا بأن يتنازل "النظام اللبناني" عن بعض مسروقاته، بدلا من أن ينتزعها الثوار بالقوّة.