العالم لا يتنهي، نحن الذين تنتهي أجزاء منّا. نحن البشر مهجوسون بالنهايات. الأزمة أنّنا نعجز عن تصوّر البداية. لم نتفّق عليها بعد. لا الدين أقنع البشر كلّهم، ولا العلم حسم المسألة. لذا نرغب في رؤية النهاية، أو معرفتها على الأقلّ. لعبة الأطراف. ونحن في الوسط نتسابق على الميلين.
وفي كلّ نهاية حساب. في الآخرة الدينية السماوية، في نهاية أعمارنا، وفي نهاية كلّ عام أيضا نجرد حساباتنا. في الشركات، كما في العائلات. في المصارف كما في الحبّ. في الدول كما في العواطف.
كلّ شيء وهم. الوقت وهم والمناسبات أوهام والأعياد أوهام بأوهام. لكنّها حجج لنحاول الخروج من أوهام أخرى. من أوهام أن لا شيء يتغيّر فعلا. هكذا لندّعي أنّنا سنبدأ في حمية غذائية لإنقاص الوزن صباح العام الجديد. أو أنّنا سنبذل مجهودا أكبر في العمل. لكن ما يتغيّر، إذا تغيّر، هو ادّعاؤنا أنّ هناك أملا بعد. نختلق الآمال تماما كما نفقدها، من دون سبب مقنع. هكذا فجأة نقول إنّنا سنخترع مخرجا جديدا، وفجأة أيضا نصير مقتنعين أن لا مخرج فعلا.
العالم لا يتنهي، نحن الذين تنتهي أجزاء منّا. نحن البشر مهجوسون بالنهايات. الأزمة أنّنا نعجز عن تصوّر البداية. لم نتفّق عليها بعد. لا الدين أقنع البشر كلّهم، ولا العلم حسم المسألة. لذا نرغب في رؤية النهاية، أو معرفتها على الأقلّ. لعبة الأطراف. ونحن في الوسط نتسابق على الميلين.
وفي كلّ نهاية حساب. في الآخرة الدينية السماوية، في نهاية أعمارنا، وفي نهاية كلّ عام أيضا نجرد حساباتنا. في الشركات، كما في العائلات. في المصارف كما في الحبّ. في الدول كما في العواطف.
نتحجّج بانتهاء العام، الذي نحن من حدّد بدايته ونهايته، لنحتفل ونتحاسب. يلزمنا حجّة لنقفل الصفحة. يلزمنا حجّة لنتعاتب. ويلزمنا حجّة لنقول إنّنا أقفلنا ألما وفتحنا بسمة. أقفلنا ألما وفتحنا احتمال بسمة، لكن في الحقيقة، نكون قد أقفلنا ألما وفتحنا آخر.
العالم لم ينتهِ. وكالة "الناسا" الفضاية قالت إنّ أمامنا بعض مليارات السنوات. سنعيش طويلا إذا. لا تخافوا. في اللغة العربية "العالم" هو "العام" مع حرف اللام في الوسط. لا النافية. لا الناهية. لام تقول إنّ انتهاء العام يختلف عن انتهاء العالم. لكن في كلّ نهاية حساب.
وفي النهاية أيضا الحسابات لا تغيّر شيئا. الألم الذي نحمله يوم الأحد 30 كانون الأول 2012 سيبقى هو نفسه يوم الثلاثاء 1 كانون الثاني 2013. فالوقت، حين يمرّ، الوقت الذي اخترعناه نحن وحدّدناه، لا يغيّر ما بقوم، حتى يغيّروا ما بأنفسهم. ألم الليل لا يمحوه النهار. فشل الأحد لا يمحوه صباح الإثنين. ونجاح الإثنين لن يتغيّر الأربعاء.
كلّ شيء وهم. الوقت وهم والمناسبات أوهام والأعياد أوهام بأوهام. لكنّها حجج لنحاول الخروج من أوهام أخرى. من أوهام أن لا شيء يتغيّر فعلا. هكذا لندّعي أنّنا سنبدأ في حمية غذائية لإنقاص الوزن صباح العام الجديد. أو أنّنا سنبذل مجهودا أكبر في العمل. أو أنّنا سنقلّل من تبذير المال. أو أنّنا سنمضي وقتا أطول مع العائلة. لكن في النهاية لا شيء يتغيّر فعلا. الناس لا يتغيّرون، وكذبة نهاية العام، أو نهاية العالم حتّى، لا تغيّر البشر من الداخل.
ما يتغيّر، إذا تغيّر، هو ادّعاؤنا أنّ هناك أملا بعد. نختلق الآمال تماما كما نفقدها، من دون سبب مقنع. هكذا فجأة نقول إنّنا سنخترع مخرجا جديدا، وفجأة أيضا نصير مقتنعين أن لا مخرج فعلا.
في النهاية أيضا، الأعوام لا تنتهي، بل تتناسل. تماما كما البشر. خيط ضخم يربط كلّ شيء بكلّ شيء.