أنا سيعي. هكذا يقول لي بعض الأقرباء. سيعي على سبيل الشتيمة. والقصد أنّني لست شيعيا بما يكفي، وحرف السين بدل الشين يأتي من "سنّي". أيّ أنّني "مختلط". وفي حين يقصد القائل دفعي إلى الشعور بالغضب، أفرح حدّ الإنتشاء: سيعي وأفتخر.
بدأت القصّة لأنّني كنت ناشطا يساريا وشاركت في نشاطات قوى 14 آذار كلّها في العام 2005. بعدها صرت شديد النقد لقوى 8 آذار. لكنّني كنت أحافظ على مسافة نقدية من 14 من دون أن أقع في 8. كما أنّني عملت في مؤسسات إعلامية تابعة لـ14. وكنت دائما أدافع عن شهداء انتفاضة الإستقلال، من سمير قصير إلى جورج حاوي ورفيق الحريري والباقين.
كان هناك سعي في اليوميات اللبنانية إلى "مذهبة" الصراع الذي كان سياسيا. خصوصا أنّ شيعة كثيرين إنضموا إلى "لحظة 14 آذار". كان الأبرز بينهم "اللقاء الشيعي" في "العاملية" ببيروت، الذي جمع مئات الشخصيات الشيعية ليعلنوا دعمهم مطالب "انتفاضة الإستقلال" الأولية.
وأنا كنت، في نظر المذهبيين، شيعيا، لكن بـ"profile"، في نظر المذهبيين أيضا، "سنّي". بلا طول سيرة دارت الأيام وأحببت فتاة سنّية وتزوّجت منها في العام 2011. ورزقت قبل شهرين بطفل "سيعي" على ما يبدو. نصفه سنّي، من والدته، ونصفه شيعي، من ناحيتي.
هكذا صرت سيعيا وبات إبني أكثر سيعية منّي. أو ربما كنت "شنّيّا" وصار إبني "شنّي".
لا أعرف ما الذي دعاني إلى كتابة هذه السطور، لكن تذكرت فجأة أنّني لست شيعيا إلا بقدر ما أنا سنّي، وبقدر ما انا يساري، وبقدر ما أنا جنوبي، ومن جنوبيتي أنا لبنان وعربي، ومن عروبتي أنا مدني علماني لا طائفي لا مذهبي لاعنفي.
السيعية واحدة من هويّاتي، التي أرجو ألا يحوّلونها إلى "هويّات قاتلة"، كما كان الحال بين العامين 1973 و1990.