Bad News: صعود العونية مجدّداً
قامت العونية السياسية، بعد عودة عرّابها الجنرال ميشال عون من منفاه الباريسي، على فكرة العداء لأهل السنّة، وللحريرية السياسية، قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعده. باعتبار أنّ الحريري الأب "كان يحمل مشروع أسلمة لبنان"، على ما شاع في التسعينات.
ثم جاء التحالف الرباعي، بكلّ ما حمله حينها من استخفاف قوى 14 آذار بميشال عون وجمهوره، وبخطأ استراتيجي ارتكبته "القوات"، التي لم تكن قد استعادت سمير جعجع من سجنه بعد. كان تحالفاً "إسلامياً" مع ملحقات مسيحية، بين حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، بقانون انتخابي "سوري".
كان الردّ في عمق الجبل المسيحي / الماروني، بما وصفه وليد جنبلاط بأنّه "تسونامي" مسيحي، جعل القوات والمستقلين المسيحيين المحيطين بالرئيس سعد الحريري "نواباً بأصوات مسلمة"، ثم نواباً مشكوكاً بصحّة تمثيلهم..
وكان "تفاهم مار مخايل" بين العونيين وحزب الله في 2006، الذي سوّقه العونيون في البداية على أنّه تحالف الضرورة مع "السلاح الشيعي" بيد حزب الله، مع الإبقاء على الخلاف مع الرئيس نبيه برّي، باعتباره "البلطجي"، كما وصفه جبران باسيل قبل انتخابات 2018، وباعتبار أنّ حزب الله "نظيف" من أموال الدولة وصفقات الهدر والسرقة. وإلى جانب "التفاهم" خرج علينا "الإبراء المستحيل"، كإنجيل عوني ضدّ الحريري السياسية.
ظلّت مقنعة الرواية العونية القائمة على الخوف من "السنّي" وتتلطّى في حمى "السلاح الشيعي"، في "حلف الأقليات" بوجه "العدد والمدد" السنّيين، وبالتحالف مع إيران في وجه الخليج العربي السنّي، إلى أن بات باسيل هو الوجه "البشع" للعونية، وصارت شتيمته والكراهية الشعبية له غير مسبوقة في تاريخ لبنان.
وحين تفسّخت الفكرة العونية، مع تراجع قوّة إيران في المنطقة وتصدّع محورها بالعقوبات، جاء تفجير 4 آب ليمحو الجزء الأكبر من اقتصاد بيروت "المسيحي" فضلاً عن مبانيها، وصولاً إلى بعبدا واليرزة والضبية وجونيه. وانفجر المرفأ في "الوعي العوني" أوّلاً.
هكذا تصدّعت الفكرة العونية أكثر. وتقدّم سمير جعجع بوصفه عدوّ "السلاح الشيعي" تاريخياً، ولم يحِد عن هذه العدائية منذ 2005. وحين ابتعد عن سعد الحريري وخاصمه، بدا أكثر إقناعاً في الشارع المسيحي، بوصفه يعادي "المسلمين" كلّهم "قشّة لفّة".
مسار طويل مسافة 15 عاماً، جعلت سمير جعجع الرقم واحد مسيحياً، لهذا نراه مستعجلاً على انتخابات نيابية مبكّرة.
لكن مهلاً… هناك من قرّر أن "يسقي" النبتة العونية السامّة سياسياً.
فجأة قرّر سعد الحريري أن ينشىء تحالفاً رباعياً جديداً، "مسلماً"، إذ تحالف مع وليد جنبلاط ونبيه برّي وحزب الله، واستعان بأصوات الأقليات المسيحية، من نواب مستقلّين، وكتلة الأرمن الطاشناق، وكتلة الحزب القومي السوري الاجتماعي، وكتلة "المردة" الزغرتاوية، وهم مسيحيو المرحلة السورية، إلى جانب شيعة قاسم سليماني. تماماً كما فعل في 2005: تحالف مسلمين مع أقليات ومستقلّين مسيحيين.
هنا ستنتعش الفكرة العونية مجدّداً: ألم نقل لكم إنّ المسلمين يريدون أن "يأكلونا". ها هم "المحمودات" يتحالفون مجدّداً، شيعةً وسنّةً ودروزاً، ومعهم مستقلّون خارج الـ"80 %" التي ادّعاها تحالف "أوعا خيّك" ذات "تفاهم معراب" بين القوات والعونيين.
سنشهد في القريب العاجل استعادة خطاب مسيحي متطرّف اتجاه المسلمين، إذا استمرّ الحريري في "التحالف الرباعي" الجديد، وإذا وصلنا إلى تحالف بين الحريري والثنائي الشيعي، يضع المسيحيين، عونيين وقواتيين، خارج "القرار". وليس تفصيلاً أن يدعو البطريرك بشارة الراعي الرئيس الحريري "ألا يترك المسيحيين وراء ظهره"، في إعلان غير مسبوق عن تبرّم بكركي من إبقاء القوتين المسيحيتين الأكبر خارج التسوية التي نسجها الرئيس المكلّف. وهو مؤشر كبير إلى توجّه الرأي العام المسيحي في الفترة المقبلة.
الانتخابات النيابية قريبة. أشهر قليلة وندخل في مدار العام الانتخابي. وإذا ظلّ الحال على ما هو عليه، انتظروا "تسونامي" جديد. وحتّى لو دخل باسيل في الحكومة، سيظلّ قادراً على القول إنّ "المحمودات" يتربّصون بالمسيحيين ودورهم ويحاصرون رئاسة الجمهورية.
راقبوا باسيل جيّداً. لا تهمّه ثقافة "الهيلا هو". سيتكوّر على نفسه مسيحياً، وسيطلق خطاباً متطرّفاً ضدّ "المحمودات". وستكون "الهيلا هو" إلى جانبه.