مؤتمر "الامتحانات الرسمية في لبنان: واقع و آفاق"
أسئلة عن التصحيح والتسريب و الاستظهار و التقييم
النقاشات الحامية التي دارت بين بعض الأساتذة الحاضرين وبين المدير العام للتربية جورج نعمة والمفتش العام التربوي الدكتور رضا سعادة كانت هي النكهة المميزة التي أضفاها المتناقشون على مؤتمر "الامتحانت الرسمية في لبنان: واقع واّفاق". وقد أخرج هذا النقاش المؤتمرين من غفوتهم البروتوكولية التي ضاعت فيها اّذانهم بين سيل الكلمات الذي انهمر على رؤوسهم منذ التاسعة والنصف صباحاً، وبين طول مدة هذه الكلمات التي قارب بعضها الساعة.
المؤتمر عقد في كلية العلوم الإنسانية في الجامعة اليسوعية، برعاية رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ممثلاً بوزير التربية و التعليم العالي سمير الجسر، الذي ألقى كلمة عنه، جاء فيها أنّ "الامتحانات الرسمية كأي إجراء حكومي يجب أن تتصف بالشفافية والإنصاف و قمع الغش الذي لا يخدم الوطن ويؤسس لفساد لا يقف عند حدود". وأضاف أن "هذه الامتحانات تضفي المساواة بين التلامذة، وتهدف إلى اختبار قدراتهم".
الأساتذة أصروا على السؤال عن تفاصيل عمليات التسريب التي تجري في عشايا الإمتحانات الرسمية، كما لاحقوا مدير عام التربية بأسئلتهم عن مدى جدية وصراحة المصححين، الذين "صحّح أحدهم مئة مسابقة رياضيات في عشرين دقيقة"، على ما قال المدير نعمة في حديثه. كما سُئل نعمة عن كيفية إعداد الأسئلة وشموليتها وعن أسس التصحيح وعن عدالة النتائج و حتى عن عدالة نظام الإمتحانات الذي يحاسب الطالب على "ما حفظه كاستظهار للمعلومات عن ظهر قلب، وليس على ما اكتسبه، عبر امتحانات تقييم"، على ما قال المفتش العام سعادة.
الوزير الجسر كان ألمح إلى أنّ "هناك من يحنّ إلى عودة الامتحانات الرسمية في آخر كل مرحلة من مراحل التعليم"، في إشارة إلى إمكان إجراء امتحانات رسمية لطلاب الجامعات، "لاستلحاق التلامذة قبل فوات الأوان". الأمر الذي قابله المدير العام للتربية السابق الدكتور مطانيوس الحلبي بقوله إنّ "هناك دولاً تمّ فيها الإستغناء عن الإمتحانات الرسمية، كما تمّ إلغاؤها في بعض مراحل التعليم في دول أخرى".
المفتش العام سعادة عرض بدوره ملخصاً حول علاقة "التفتيش التربوي" بالامتحانات الرسمية بحسب القوانين المتبعة، مشيراً إلى اَلية إجراء الامتحانات و الملاحظات بشأنها التي لخّصها بدعوته إلى محاسبة الطالب على "اكتسابه للمعارف والمواقف والمهارات، وليس على اختزان المعلومات والمحفوظات دون أن يتمثلها الطالب سلوكاً معرفياً في حياته".
بعد افتتاح الأب مروان تابت المؤتمر بكلمة برر فيها عقد المؤتمر، وبعد كلمة الوزير الجسر، ألقت النائبة بهية الحريري كلمة تحدثت فيها عن أهمية الشهادة الرسمية بما هي محطة رقابية شاملة لكل مراحل التعليم وتنوعه بين الخاص والعام لنستطيع من خلالها مراقبة مستوى الأداء التعليمي في لبنان… وإنني أتطلع بأن لا تكون الشهادة الرسمية هي مجرد امتحانات للطلاب للانتقال من مرحلة إلى أخرى… بل يجب أن تكون امتحانات للمدارس و للتعليم بشكل عام".
طاولات مستديرة
و كان المؤتمر قُسّم إلى ثلاث طاولات مستديرة، الأولى بعنوان: "الامتحانات الرسمية: أسبابها الموجبة ووظائفها"، حاضر فيها الدكتور الحلبي إضافة إلى رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ليلى فياض، قالت فيها أنّ "الشهادة الثانوية العامة ستصبح غير صالحة للوظيفة العامة في لبنان و لن تتجاوب مع الكفايات التي تفرضها السوق المحلية فكيف بالسوق الدولية؟". وأضافت أنّه "يجب أن يؤخذ في الاعتبار كيفية التعامل مع ملف الامتحانات الرسمية لئلا تجري امتحانات في جميع المواد التي تدرس، لأن اَلية التقويم في المدارس ترتكز على اَلية قياس التحصيل العلمي التي تمتد لسنوات عديدة في هذه المدارس". والثانية بعنوان "واقع الامتحانات الرسمية في لبنان" وحاضر فيها مدير عام التربية جورج نعمة الذي عرض طريقة وضع الأسئلة والسرية المتبعة في هذا العمل.
مسألة التصحيح
كما تطرق إلى مسألة التصحيح واَليات عمل المصححين بعد انتهاء الامتحانات، وعرض لطريقة عرض النتائج، مبدياُ رأيه في موضوع إلغاء هذه الامتحانات، الذي يتعارض مع المطالبين بهذا الإلغاء لأنّ "الأمور لا تسمح حالياً"، وتوقف عند بعض النقاط منها "إعادة النظر في مراقبة الامتحانات والسعي لتأمين حوافز للمراقبين"، و"التعاون مع البنك الدولي على مكننة هذه الامتحانات ما يقلل من إمكان الخطأ المادي"، و"العمل وضع هيكلية لبنك الأسئلة والمستندات الرسمية يشارك في إغنائه أساتذة القطاعين العام و الخاص".
أما في الطاولة الثالثة التي تطرقت إلى"الامتحانات الرسمية في النظامين الفرنكفوني و الأنغلوفوني"، فحاضر الملحق الثقاقي المساعد في السفارة الفرنسية جان كلود موريس و رئيس رابطة أساتذة اللغة الانكليزية في لبنان رينيه كرم. المؤتمر بدأ أعماله في التاسعة صباحاً واستمر حتى السادسة مساءً، تخلله ترويقة وغداء وانتهى بجلسة ختامية تهدف إلى إنشاء شرعة للامتحانات الرسمية في لبنان.
سريعون و مطيلون
– أشار نعمة إلى أنّ أحد المصححين أنهى مئة مسابقة رياضيات في عشرين دقيقة.
– في الطاولة المستديرة الأولى انهمر نحو مئتي سؤال و لم يجب مدير الجلسة سوى على ستة منها.
– إمتلأت القاعة قبل الساعة التاسعة صباحاً فبقي البعض في الباحة الخارجية واضطر البعض إلى الوقوف أمام الشاشة التي نصبت خارجاً.
– كلمة المفتش التربوي العام رضا سعادة استمرت نحو ساعة فَعَلت همهمات الحاضرين.