بعدما تعاطفنا مع جابر مأمون نصار في مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة"، وأعجبنا، بما نحن عليه من تقاليد شرقية سلبية، بالحاج متولي في "الحاج متولي وعائلته"، وبعدما خصصنا ساعتين من عمرنا اليومي لهذين البرنامجين، دعونا نتوقف قليلاً عند المغزى.
قد يقول قائل، إن تعدد الزوجات أمر رائج، ومعالجته تهم فئة كبيرة من الناس، وأنا أقول: باطل!
قد يقول آخر، إنّ جابر هو رمز الرأسمالي الذي بنى تجارته "بعرق جبينه"، وذلك أمر نادر. وأنا أقول: باطل!
لم أرَ في حياتي القصيرة، ولم أسمع بأحد تعددت زوجاته، سوى بشكل خبر فضائحي. وما سمعت بتاجر يعرق ويصبح فاحش الثراء.
الأنكى، أنّ إحدى المحطات التلفزيونية، تسأل: هل أنت مع مفهوم الحاج متولي في بناء عائلته؟ كأنّ موضوع الساعة أصبح متولي ونساءه! لا أحد يأتي على ذكر البطالة، ولو في سبيل المجاراة. لأحد يذكر، حفظاً لماء الوجه، فلسطين. لا أحد يطرطش ولو "طرطوشة"، أو تلميحة، عن الأزمة الاقتصادية التي نعيشها في هذه المنطقة!
زمن آخر نعيشه بعد الإفطار، كقصص "ألف ليلة وليلة". يدغدغ هؤلاء الأبطال مخيلاتنا المتصحرة إلا منهم. المال موجود، والنساء "زيّ الرز"، والمشكلة الوحيدة هي: كيف تتحايل عليهن؟
انفصال مخيف عن الواقع والأزمات اليومية التي نعيشها. وتصل كارثتنا إلى درجة أننا "نسطّل" أمام الشاشات، من دون أن نسأل: ما الموضوع الاجتماعي الذي يعالجه هذان المسلسلان، هل يتصل بنا، ولو من بعيد؟
كلا، المشكلة أننا تعوّدنا ما نحن فيه، فأصبحنا كمدمني الكحول، نمارس طقوس الشرب من ينابيع التلفزيون يومياً، ونتجشأ أحاديث يومية تزيد من خدرنا.
ربما يقول آخرون، إنّ هذين المسلسلين يعرضان بالتزامن مع مشروع سياسي دولي، وبالتحديد، مع مشروع اقتصادي – اجتماعي، وسياسي، داخلي، على مرأى من عيوننا، من دون أن نبصر. وأنا أقول باطل.