جورجيت سركيسيان هي الإسم الثاني لوسام الحسن. أم لبنانية آمنة تقدّم القهوة في مؤسسة، خرجت من عملها في فرصة الغداء، وبدلا من أن تأكل كانت متوجهة إلى منزلها لتحضّر غداء أطفالها الثلاثة، لتعود بعدها، جائعة ربما، إلى العمل.
جورجت ووسام عائلة لبنانية، ونحن الأطفال الأيتام. والدان لهذا الوطن اليتيم. لا يزايدنّ أحد في أنّ المعزّين بوسام لا ينتبهون لجورجيت. نحن الأيتام نحبّ جورجيت ووسام كما يحبّ الطفل "ماما وبابا متل بعض".
الشاشة لها مقاييس أخرى. في القبر، المساحة نفسها.. في القلب أيضا. لكن في الشارع، البوصلة دائما لا تشبه عقاربها. إرقدي بسلام يا جورجيت. نحن نحبّك قدر ما نحبّ وسام والصادقين أمثاله. وارقد بسلام يا وسام، نحن نحبّك قدر ما نحبّ جورجيت وأمّهاتنا الأخريات.
جورجيت سركيسيان هي الإسم الثاني لوسام الحسن. أم لبنانية آمنة تقدّم القهوة في مؤسسة، خرجت من عملها في فرصة الغداء، وبدلا من أن تأكل كانت متوجهة إلى منزلها لتحضّر غداء أطفالها الثلاثة، لتعود بعدها، جائعة ربما، إلى العمل.
هي ووسام تقاطع قدرهما في لحظة موت واحد. جمعمها القاتل في باقة واحدة وأرسلهما معا إلى السماء. وسام لأنّه صار أكبر من رجل أمن في بلد صغير، وجورجيت لأنّها مواطنة لبنانية عادية لا يوجد ما يمنع قتلها في سياق قتل أحد آخر. إسم من مئات الأسماء التي لا يذكرها أحد: "أضرار هامشية"، أو "خسائر جانبية لا بدّ منها".
بعض مناصري 8 آذار على الشبكات الإجتماعية راح ينشر قصة جورجيت في سياق التغطية على استشهاد الحسن. كما لو أنّهم يقولون: هذا الرجل مات وهذه المرأة ماتت، فلماذا هو أكثر أهمية منها؟
سؤال يحمل طارحه من الخبث ما يمثّله من المشاركة في قتل الإثنين. سؤال يفاضل بين شهيد وشهيدة، بين من قُتِلَ لأنّ المطلوب قتله، وبين من قتلت لأنّها كانت تمارس حياتها في ساحة الجريمة. وبالطبع لا فضل لشهيد على شهيدة إلا بالتقوى. لكنّ قتل الحسن يأتي في سياق أجندة سياسية، أما قتل جورجيت فهو يأتي في سياق مصير واحد يجمع اللبنانيين.
زوجتي كانت تعمل قرب مكان الإنفجار. كان يمكن أن تقتل هي وطفلي الذي في أحشائها. كان يمكن أن يكون أخي أو ابن خالتي عابرا من هناك. هذا لا يعني أنّهم لا يستحقّون التوقف عن موتهم. هو القدَر المشترك الذي يجمع الغرباء في لحظة واحدة، ليصيروا "زملاء شهادة".
جورجيت هي الإسم الثاتي لوسام. الإثنان قتلا غدرا. الإثنان من قافلة شهداء كثر، منذ عشرينات القرن الفائت إلى اليوم، في حروب وصراعات داخلية وخارجية. الإثنان مظلومان.
جورجيت واحدة من أمّهات لبنان، ووسام واحد من آبائه. لوسام أيضا أبناء يتقبّلون التعازي، كان يفترض أن يتبضّعوا مع والدهم أن أو يشتروا سويّا ثياب عيد الأضحى هذه الأيّام. لوسام زوجة وأمّ. وسام كان، في واجبه، يعدّ طعام الغداء لأولاده أيضا. كان خارج البلاد، وداخلها، في أجمل لحظات شبابه، بدلا من أن يكون مع عائلته. لأنّه يريد لبنان آمنا، ويريد أن يعيش أبناؤه في سلام، وألا يموت أحدهم في سياق قتل أحد آخر.
جورجيت شهيدة مثل وسام. والذين نزلوا إلى ساحة الشهداء يوم تشييع وسام نزلوا من أجلها أيضا. معظمهم نزلوا رفضا للتفجيرات، وليس حبّا بالقيادات والزعماء. معظمهم لم يقطع المسافات لأنّه يكره سوريا أو إيران ولا لأنّه يحبّ السعودية أو قطر، ولا لأنّه يكره نجيب ميقاتي ويحبّ سمير جعجع. معظمهم نزل لأنّ لا يريد أن يكون "جورجيت" جديدة، ولا يريد أن يموت أحد أبنائه لأنّه صار "وسام" آخر، أو "أنطوان غانم" آخر أو "سمير قصير" آخر.
https://www.youtube.com/watch?v=MLauqQvxjeA&feature=related
جورجت ووسام عائلة لبنانية، ونحن الأطفال الأيتام. والدان لهذا الوطن اليتيم. لا يزايدنّ أحد في أنّ المعزّين بوسام لا ينتبهون لجورجيت. نحن الأيتام نحبّ جورجيت ووسام كما يحبّ الطفل "ماما وبابا متل بعض".
جورجيت وأخريات وآخرون، ممّن قتلوا وجرحوا، في هذا التفجير أو غيره، هم الذين نعترض على قتلهم أمس واليوم وغدا. يحدث أنّ وسام إسم معروف أكثر، والحديث عنه يختصر المشهد أو الحقل المعجمي للموضوع، لكنّهما واحد.
الشاشة لها مقاييس أخرى. في القبر، المساحة نفسها.. في القلب أيضا. لكن في الشارع، البوصلة دائما لا تشبه عقاربها. إرقدي بسلام يا جورجيت. نحن نحبّك قدر ما نحبّ وسام والصادقين أمثاله. وارقد بسلام يا وسام، نحن نحبّك قدر ما نحبّ جورجيت وأمّهاتنا الأخريات.