عون وبرّي يكلّفان مصطفى أديب.. ويهاجمان الإعلام
في العادة، يبدأ رئيس الحكومة المكلّف عهده بتوافق مبدئي مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب. فهما اللذان يعلنان اسمه، بعد استشارات نيابية ملزمة يجريها رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، وتوافقات سياسية شبه عامة على الاسم.
المؤلم أمس أنّ الرئيسين، ميشال عون ونبيه برّي، استقبلا "العهد الحكومي" الجديد بهجوم متزامن، قد لا يكون وليد الصدفة، ضدّ الإعلام. الأوّل طرد فريق mtv ومنعه من تغطية الاستشارات في بعبدا، والثاني دعا إلى "وقف الحملات الإعلامية والتراشق الكلامي بين مختلف الأطراف وتهذيب الخطاب السياسي والإعلامي".
عون أصدر بياناً ذهب بعيداً هذه المرّة، بالتهديد بإقفال محطة mtv، وبأنّ "كلّ هذه المخالفات تعاقب عليها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، إضافة إلى قانون الإعلام المرئي والمسموع، الذي يجيز إقفال المحطة عند تكرار المخالفة".
لا يخجل من كتب البيان من التوجّه إلى mtv بهذا الكلام. تلك المحطّة هي الوحيدة التي تجرّأت واستقبلت العماد ميشال عون من باريس، مرّة واثنتين وثلاثة، متحدّية الوصاية السورية، حين كان منفياً وكان يخشى الصحافيون من ذكر اسمه في بيروت. والمحطة التي دفعت الغالي، وأقفلها ضبّاط المخابرات السورية وسياسيوها، لأنّها كانت صوت الذين لا صوت لهم بمواجهة عسس الأجهزة، تلك المحطة يهدّدها ميشال عون بالإقفال، وبلا خجل.
أما الرئيس برّي، فلعلّها رغبة صادقة منه بإراحة البلد قليلاً من تبادل الهجمات السياسية والإعلامية، وهو العتيق في مصالحة المتقاتلين والمتخاصمين. لكن في الحقيقة تبدو الصورة غير متوازنة.
فاليوم هناك فريق واحد في لبنان يمسك بالسلطة، هو الحزب الحاكم، حزب الله، وحلفاؤه، من حركة أمل التي يرأسها برّي، إلى التيار الوطني الحرّ الذي يرأسه جبران باسيل وعون، وصولاً إلى بقية حلفائهم، وقد أضيف إليهم نادي الرؤساء الأربعة أمس.
الفريق الثاني هو الناس، هؤلاء الذين لا يمكنهم مواجهة السلطة إلا في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشارع، وفي وسائل الإعلام. وهؤلاء بالتحديد من تطالهم جملة الرئيس برّي التالية: "وقف الحملات الإعلامية والتراشق الكلامي بين مختلف الأطراف وتهذيب الخطاب السياسي والإعلامي".
و"التهذيب" استدعى نقاشاً طويلاً ومستمرّاً بين اللبنانيين، أصحاب نظرية "الهيلا هو" الشهيرة، الذين يلاحقون السياسيين ويشتمونهم.
أما التوازن، فيستدعي مطالبة الحزب الحاكم وحلفائه بتشذيب سلوكهم وسطوتهم على الحيّز العام وعلى الميدان السياسي والإداري والمالي، قبل مطالبة المتألّمين بتشذيب صراخ الوجع والجوع.
رسالتان سلبيتان نحو الإعلام من الرئيس الأوّل والرئيس الثاني، يوم تكليف الرئيس الثالث.
هذا لا يبشّر بالخير أبداً.
لكن من المفيد تذكير الجميع، بأنّ القوات السورية لم تستطِع إسكات اللبنانيين ولا إعلامهم، واليوم، لن تستطيع قوات الاحتلال السياسي الإيراني أن تسكتهم، لا بالهجمات المتكرّرة من "البلطجية"، وآخر الغزوات كانت أمس الأوّل في ساحة الشهداء، ولا بالبيانات التهويلية.
فوجب التوضيح.