أساس ميديا – محمد بركات https://www.mohamadbarakat.com Thu, 29 Apr 2021 15:03:46 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=5.5.15 https://www.mohamadbarakat.com/wp-content/uploads/2019/03/ico.png أساس ميديا – محمد بركات https://www.mohamadbarakat.com 32 32 لعيون غادة: عون يقرّع الجميع… وفهمي يردّ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/23/%d9%84%d8%b9%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%8a%d9%82%d8%b1%d9%91%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d9%81%d9%87%d9%85%d9%8a-%d9%8a%d8%b1%d8%af/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/23/%d9%84%d8%b9%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%8a%d9%82%d8%b1%d9%91%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d9%81%d9%87%d9%85%d9%8a-%d9%8a%d8%b1%d8%af/#respond Fri, 23 Apr 2021 14:53:03 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=798 آخر موضة في بعبدا: "اجتماع أمني"، هو هجين، لا هو اجتماع للحكومة، ولا هو اجتماع وزاري، من تلك الاجتماعات التي يحضر فيها رئيس الحكومة حسّان دياب كما لو أنّه وزير بلا حقيبة ولا صلاحيات، ولا هو اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، الذي يحضره مديرون عامّون وقادة الأجهزة الأمنيّة ووزراء.. والأهمّ: مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.

والموضة الجديدة كان لها هدف واحد: تقريع الأجهزة الأمنية وتهديدها وهزّ العصا لها، والدفاع عن تمرّد مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون على رؤسائها المباشرين، وعلى أعلى سلطة قضائية في لبنان: مجلس القضاء الأعلى، لكن في غياب عويدات. وبالتالي كان "الاجتماع الأمني" بدلاً من "المجلس الأعلى للدفاع"، لأنّ رئيس الجمهورية لا يريد رؤيته، باعتباره "غريم" غادة عون، وباعتباره ممثلاً لمجلس القضاء الأعلى، الذي اتّخذ قراراً حاسماً بكفّ يد غادة عون عن الملفّات المهمّة، وأبرزها الماليّة، وأصرّت هي في المقابل على التمرّد على هذا القرار.

اجتماع ربع الساعة جمع رئيس الجمهورية ميشال عون، نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، ووزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، ومساعد المدير العام لأمن الدولة العميد سمير سنان، ومدير الاستخبارات العميد أنطوان قهوجي، ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود، ومدير المعلومات في المديرية العامة للأمن العام العقيد يوسف المدور.

دخل عليهم عون، وألقى كلمة أكّد خلالها أنّه طلب من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، قبل أيام من بدء المشكلة يوم الجمعة الفائت، أن "طبّقوا القانون". وتابع الرئيس أنّ "تصرّف قوى الأمن مع المحيطين لم يكن متوافقاً مع حرية التعبير"، منتقداً قوى الأمن الداخلي بشدّة.

لم يردّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، فأخذ الكلام وزير الداخلية وتوجّه إلى الرئيس عون بالقول: "وردتنا شكوى رسميّة من ميشال مكتّف، ونحن من ضمن مسؤوليّاتنا حفظ الأمن والنظام، ولا نستطيع التقصير في هذا الجانب، ومن ضمن مسؤوليّاتنا حماية المؤسّسات العامّة والخاصّة، وحين يكسر طرف ما أبواب مؤسسة خاصّة فنحن القوى الأمنية مجبرون على التحرّك، وكلّنا شاهدنا ما جرى على شاشات التلفزيون". فراح الرئيس عون يضحك، بمعنى أنّه لا يوافق، موحياً أنّ كلام فهمي، الدقيق عملانياً وقانونياً، لا يناسبه سياسياً.

يروي أحد العاملين في شركة مكتّف أنّ غادة عون نسيت هاتفها في غرفة جانبية، وتوجّهت إلى غرفة أخرى، فأمسك به هذا العامل، وقادته الحشرية إلى فتحه، فوجد أنّها تواصلت مع رقم باسم "Lebanese Presidency" سبع مرّات خلال المداهمة، ومع قاضية من آل حاطوم أيضاً. وهو ما يعني أنّها كانت على تنسيق متواصل مع القصر الرئاسي خلال المداهمة والكسر والخلع.

بعد الاجتماع الأمني القصير والسريع، والذي بدا كبلاغ رسمي بتأكيد استمرار الغطاء السياسي على غادة عون، اجتمع الرئيس عون منفرداً باللواء صليبا، ولامه بسبب عدم وقوفه إلى جانب غادة عون، فأجابه صليبا بأنّه لا يستطيع مخالفة القانون لأنّه يتلقّى الأوامر من مدّعي عام التمييز، رئيس النيابات العامة في كلّ لبنان.

هكذا أبدى الرئيس عون انزعاجه من أداء الأمن الداخلي ومن عدم مؤازرة أمن الدولة قاضيته السياسية غادة عون. ومعروف أنّ هذا الجهاز كان يواكب قاضية العهد في الأيام الأولى لتمرّدها على مجلس القضاء الأعلى، لكنّه اعتكف لاحقاً عن الاستمرار في مؤازرتها بعد تواصل عويدات معه، وإبلاغه أنّها ما عادت ذات صفة في الملفّ الذي تقوم بغزوات على شركة مكتّف بحجّته.

ويكشف مطّلعون أنّ موقف أمن الدولة أدّى إلى وقوع خلاف بين الجهاز وبين عون والتيار الوطني الحرّ. إذ رفض أن يخوض هذه المعركة خوفاً من المساءلة القانونية لاحقاً، حين ينتهي العهد. ولا تخفي المعلومات وجود خلافات متعدّدة بين رئيس الجهاز وبين جبران باسيل حول ملفّات كثيرة.

حاول الرئيس عون المنزعج من أداء الأجهزة الأمنية "توريط" الجيش، بحسب معلومات "أساس"، بالطلب إليه تسلّم الملفّ، لكنّ مصادر تكشف أنّ الجيش رفض تسلّم "كرة النار" من "شعبة المعلومات" وبعد ابتعاد "أمن الدولة"، باعتبار أنّه "لا دخل للجيش في هذا الملفّ، والمهمّات الموكلة إليه كافية، والجيش يتابع الملف الإغاثي ودعم العائلات الفقيرة، وهذا يكفي"، وذلك بعدما طلب الرئيس من الجيش العمل "على توفير كلّ التسهيلات للقاضية لتنجز ما تريد". وأمس الأوّل اُستُعين بأحد ألويته لتأمين خروجها.

وضرب الرئيس عون عصافير كثيرة بحجر "الاجتماع الأمني" الواحد. فبعث رسالة واضحة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، بأنّه القائد الأعلى للقوات المسلّحة، وأنّه هو فقط صاحب القرار. وأكّد "مركزية" بعبدا، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وفق ما تقتضيه الحاجة.

ختاماً، كان اجتماع ربع الساعة، والتقريع واللوم للأجهزة الأمنية، هدفه محدّد: توفير غطاء أمني لحركة التمرّد التي تقودها غادة عون.

ومجدّداً، هذه المهزلة القضائية لا تزال في أدراج رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد. والأيام تمرّ ثقيلة على سعد وعلى هيبة القضاء.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/23/%d9%84%d8%b9%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%8a%d9%82%d8%b1%d9%91%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d9%81%d9%87%d9%85%d9%8a-%d9%8a%d8%b1%d8%af/feed/ 0
يوميّات غادة عون: صراع الشارع والأجهزة.. والسفارة https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/22/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%b9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ac%d9%87%d8%b2%d8%a9/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/22/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%b9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ac%d9%87%d8%b2%d8%a9/#respond Thu, 22 Apr 2021 14:55:19 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=801 محمد بركات – عماد الشدياق

وصلت القوّة الضاربة في "شعبة المعلومات" عند الخامسة عصراً… فتغيّر المشهد.

أمس لم تكن غادة عون هي البطلة، بل شبّان مفتولو العضلات، بآلياتهم الضخمة، وقرار يحملونه بوقف المهزلة التي يمارسها شبّيحة "الحرس القديم" التابعين للتيار الوطني الحرّ.

مدّعي عام جبل لبنان وصلت عند الثانية والنصف تقريباً، ضاربةً عُرضَ الحائط بقرار أعلى سلطة قضائية في لبنان، هي "مجلس القضاء الأعلى"، الذي أمرها وقرّر كتابةً سحب الملفّات المالية من يدها قبل أسبوع. ولأنّ عناصر أمن "شركة مكتّف" منعوها من دخول باحة المبنى الخارجية باعتبارها غير ذات صفة، ولأنّها عاجزة عن دخولها بالقانون، استدعت الشبّيحة الذين يرافقونها في غزواتها منذ أسبوع. وهؤلاء هم بعضٌ من "الحرس القديم"، وبعضٌ من جمعية "متّحدون" لصاحبها المحامي رامي علّيق. وما هي إلا دقائق ووصل عشرات منهم، كما لو أنّهم كانوا ينتظرون عند المفرق إشارة "الريّسة".

الشبّيحة الذين وصلوا خرج منهم من اعتدى على صحافيين، بينهم مراسلة MTV زينة باسيل شمعون، وآخرون لعبوا دور الحدّادين، إذ جاؤوا يحملون معدّاتٍ مجهّزة مسبقاً، بقصد الكسر والخلع. وقد أمرتهم غادة عون بخلع البوابة الخارجية. وهكذا فعلوا. ثم دخلت غادة دخول الفاتحين المنتصرين، فيما عناصر الأجهزة الأمنية يتفرّجون على الكسر والخلع من دون تدخّل. ومن بين هؤلاء عناصر من الجيش اللبناني وعناصر من أمن الدولة وعناصر من استخبارات الجيش.

وبعدما تجاوزت غادة عون البوابة الأولى، بقوّة الحدّادين والشبّيحة، خرجت لتستدرّ عطف المشاهدين الذين كانوا يتابعون غزوتها على الهواء المفتوح في شاشات التلفزيونات، وقالت لهم: "ما خلّوني فوت"، وناشدت القضاء أن ينصرها، هي التي هشّمت صورته على مدى الأيام الستّة الفائتة. ثم حاولت اللعب على وتر "حرقة" المودعين على أموالهم. فقالت للصحافيين المحتشدين لنقل وقائع تطوّرات المسلسل المكسيكي الذي تقوم ببطولته: "أنا ما فرقانة معي بروح بقعد ببيتي وخلصنا، هذه حقوق الناس مش حقوقي"… لكنّها لم تعد إلى بيتها، فلو فعلت فلربّما أعفت السلطة القضائية من استمرار الفضيحة الموصوفة ومن التصدّع الذي سبّبته لهذه السلطة المستقلّة.

ثم أكمل الحدّادون والشبّيحة عملهم، ووصلوا إلى البوابة الداخلية. كذلك خلعوها، وباتت غادة عون ومرافقها الأمين، رامي علّيق، في داخل الشركة، وهذه المرّة مع خبراء في سحب "الداتا" من الكمبيوترات. وأقفل الباب لينتقل المشهد إلى الخارج.

وصول القوّة الضاربة

عند الخامسة وصلت "القوّة الضاربة" في "شعبة المعلومات" بآلياتها المَهيبة وعناصرها المهيبين، فتحوّلت الأنظار من مبنى مكتّف إلى العناصر المقبلين من أسفل الشارع بهرولة رياضية، مزوّدين بالعصي والخوذات البنّيّة والأقنعة السوداء.

هنا تغيّر الجوّ العام، وبدأ المتظاهرون يتهامسون في ما بينهم: "جايين يدشّرونا من هون"، و"جيبوا الدعم". واستقلبوهم تارةً بتصفيق حارّ أقرب إلى محاولة التودّد، وطوراً بصيحات الاستهجان خوفاً وتحسّباً. لكنّ العناصر راحوا يفرّقون المتظاهرين ويدفعونهم صوب أسفل الشارع، وسط كرّ وفرّ وعراكات متقطّعة. فيما العناصر الأمنية التي كانت موجودة أصلاً، اكتفت بالتفرّج، كما لو أنّها تحمل توجيهاتٍ بعدم التعرّض للشبّيحة.

لا نعرف إذا كانت زيارة وفد من السفارة الأميركية، على رأسه ضابط الارتباط في السفارة، للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مساء أمس، قد جاءت في سياق إبداء انزعاج السفارة من هذه المشهدية التي تتكرّر وتتفاعل يوماً بعد يوم. إذ ربّما تراها السفارة بعيني "التهديد الأمني" المحتمل. فمشهد الحشود يغري بتسلّل من يريد التسلّل إلى محيط السفارة.

هكذا دخل المشهد أمس في مرحلة جديدة، لا علاقة لها بحجج "مكافحة الفساد" و"الكشف عن الأموال المحوّلة والمنهوبة" التي تلطو خلفها القاضية غادة عون ومن يرافقها. صرنا في مرحلة تنبىء بـ"صراع أجهزة"، على وقع الاختلافات السياسية في البلد والاضطرار إلى تبادل الرسائل.

أمّا القاضية المنزوعة الصلاحيات، فخرجت عند الساعة الثامنة مساءً، بعدما نقلت عناصر غادة عون الأمنية أجهزة كومبيوتر إضافية إلى سيارتها الخاصّة، إضافة إلى تلك التي سحبتها على مدى الأيام الماضية، ومن خارج السياق الذي رسمه مجلس القضاء الأعلى لهذا الملفّ. ثم غادرت القاضية المتمرّدة على وقع هتافات شعبوية: "الله، لبنان، عون وبس". هتافات لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بفكرة القضاء والعدالة. فالعدالة، في كلّ الثقافات، تكون عمياء، لا تمنّ بعدالتها على البريء، ولا تتشفّى من المرتكب المَدين. وبالتالي فهؤلاء الشبّيحة لا يداومون في عوكر لنصرة العدالة، بل لنصرة السياسة.

بعد وصول "القوّة الضاربة" بساعات، ساد الهدوء في المكان وتفرّق المعتصمون، فيما سيّارة عون تبتعد، ويدها خارج الشبّاك تلوّح بها لشبّيحتها بعدما أدّوا الدور المطلوب منهم.

كان هذا ختام اليوم السابع. فهل انتهى "الدلع" القضائي؟

الجواب لدى رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/22/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%b9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ac%d9%87%d8%b2%d8%a9/feed/ 0
يوميّات غادة عون: هيبة القضاء.. بين يدي بركان سعد https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/21/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%87%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d8%a8/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/21/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%87%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d8%a8/#respond Wed, 21 Apr 2021 14:50:14 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=795 هيبة القضاء اليوم في يد رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد. هو الذي يستطيع أن يقرّر إنقاذ سمعة العدالة في لبنان، أو أن يرمي بها في أتون التسييس، ليسقط القضاء كما سقطت الطبقة السياسية، ومن قبلها وبعدها المصارف، على طريق السقوط الذي تتّجه إليه المستشفيات والجامعات والمدارس، مروراً بالحكومات وبكلّ مؤسسات السلطة والحكم والمجتمع والاقتصاد والمال.

اليوم بات القضاء كلّه على المحكّ، ليس لأنّ مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون تخالف القوانين و قرارات رؤسائها والقيّمين على عملها فقط، وليس لأنّها قاضية سياسية، تفتح الملفات بحسب التوقيت السياسي للنائب جبران باسيل، وتقفل الملفات بحسب التوقيت السياسي له، كما في قضية تجارة المخدّرات وترويجها التي أطلقت سراح متورّط فيها، فقط لأنّه نجل نائبه في التيار الوطني الحرّ منصور فاضل…

ليس لكلّ هذه الأسباب، ولا لأنّها "مكشوفة" قانونياً بـ28 شكوى ضدّها في التفتيش المركزي، وبـ6 دعاوى جزائية ضدّها، في أرقام قياسية غير مسبوقة بتاريخ لبنان في حقّ قاضٍ…

ليس لكلّ هذه الأسباب، ولا لأنّها تمرّدت على قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي سلّم "الملفات المالية المهمة" للمحامي العام في جبل لبنان القاضي سامر ليشع، فلم يعد من صلاحياتها ملفّ الصيارفة وشركة ميشال مكتّف…

ليس فقط لكلّ هذه الأسباب وغيرها، بل لأنّها تقصّدت أمس أن تهين مجلس القضاء الأعلى، وهو أعلى سلطة قضائية في لبنان، ويرأسه قاضٍ ماروني عُيّن بموافقة رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو سهيل عبّود. وهذه الإشارة ضرورية لمن تحاول أن تجعل قضيتها "طائفية" كي تحشد من خلفها طائفة ظنّاً منها أنّها بذلك تستطيع أن تخالف القوانين والمنطق.

فغادة عون، وبعدما استدعاها مجلس القضاء، دخلت أمس صباحاً إلى الاجتماع، وكان ينقّط من لسانها عسل الامتثال وسكّر الوعود، فقدّمت أعذاراً عما بدر منها قائلةً: "أنا ما قصدي أغلط، وأنا حريصة على هيبة القضاء… ربّما تحمّست زيادة عن اللزوم، وذهبتُ بعيداً، لكنّني تحت القانون…".

وقد شرح لها المجلس أنّ قرار توزيع الصلاحيات الذي أصدره القاضي عويدات يحظى بإجماع المجلس، وليس قراراً فردياً صادراً عنه. وأفهمها الرئيس عبّود أنّ هذا الموضوع ليس طائفياً ولا سياسياً، بل يتعلّق بهيبة القضاء وبصورته أمام اللبنانيين وبالثقة العامة به التي تضيّعها عون في أفعالها وسلوكيّاتها منذ وقتٍ طويل.

مجلس القضاء الأعلى طلب من هيئة التفتيش القضائي "إجراء المقتضى"، وطلب من عون "الالتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز (غسان عويدات) المعمول به حتّى تاريخه"، وأكّد أنّ "مسار أيّ تحقيق في أيّ ملفّ قضائي، سيُتابع حتّى خواتيمه من قبل القضاء المختصّ، أيّاً يكن القاضي الذي يتابعه، بصرف النظر عن أيّ اعتبارات خارجة عن الإطار القضائي". أي أنّ المجلس أعاد التأكيد على قرار عويدات الذي وزّع أعمال النيابة العامّة في جبل لبنان.

إعلان التمرّد

بدا أنّ عون فهمت الرسالة وأنّها ستمتثل لما طُلِبَ منها بشأن توزيع الملفات في دائرتها. لكنّها بعدما ادّعت الامتثال أمام المجلس، خرجت من الاجتماع وتوجّهت مباشرةً إلى مكاتب شركة مكتّف.

وبعد ساعات أعلنت، في حديث صحافيّ، أنّها خدعت المجلس وأنّها لا تعترف بقرار القاضي عويدات ولا بطلبات مجلس القضاء الأعلى، وصرّحت لموقع "دايلي بيروت"، بلسان "مصادر مطّلعة"، أنّها ترفض قرار القاضي عويدات "لأنّه غير قانوني، إذ لا يجوز له بتاتاً أن يكفّ يدي عن أيّ قضية أتولّاها، فهذا من اختصاص التفتيش القضائي حصراً"، وتابعت: "يحقّ له فقط من موقعه أن يرسل إليّ توجيهات خطّية لا شفهية، وبالتالي بإمكانه أن يطلب منّي، على سبيل المثال، الامتناع عن ملاحقة أحدهم. أمّا إقصائي فهو قرار يتجاوز صلاحياته، وإذا سكتُّ أكون قد كرّست سابقة خطرة من شأنها أن تكبّل القضاة الشجعان وتمنعهم في المستقبل من اتخاذ القرارت الجريئة".

هكذا أعلنت عبر وسيلة إعلامية أنّها تتمرّد على قرار مجلس القضاء وعلى قرار عويدات. وهي بالطبع استندت إلى ما نقلته جريدة "الأخبار" عن رئيس الجمهورية "الذي مدح استقامتها"، وأكّد أنّها في معركتها الأخيرة "لم تخطئ في الجوهر، بل أخطأت في الشكل"، و"توقّع أن تأخذ هيئة التفتيش القضائي، في حال إحالتها عليها، بالأسباب التخفيفية" بحقّ القاضية المتمرّدة، في سابقة خطيرة يوحي فيها رئيس البلاد، المفترض أن يكون مؤتمناً على تطبيق الدستور والقوانين، إلى التفتيش القضائي بقصد التأثير المسبق على قراره، ووضع ضوابط لقراره حمايةً لقاضية العهد.

لكن ماذا حصل داخل الاجتماع؟

مجلس القضاء يتألّف من 10 أعضاء، وقرار إعلان عدم أهليّة عون يلزمه إجماع 8 من أصل 10. هناك قاضٍ طُرِدَ، وقاضٍ أُحيل على التقاعد، فيبقى 8، اثنان منهم محسوبان على التيار الوطني الحرّ، وبالتالي يستحيل استصدار قرار بعزلها بـ6 أصوات.

ويقول من اطّلعوا على محضر الاجتماع لـ"أساس" إنّ عون كانت قد نسّقت مع رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلاني إسكندر، وهي كاثوليكية عيّنها الوزير السابق سليم جريصاتي، من حصّة "التيار الوطني الحرّ"، ومع القاضية إليان صابر المحسوبة على الحصّة العونية أيضاً في مجلس القضاء.

وتقول المصادر إنّ إليان كان موقفها "أليَن" من موقف إسكندر. إذ لم تدعم عون بشكل واضح. أما اسكندر فقد هدّدت بتقديم استقالتها من المجلس في حال اتّخاذ أيّ إجراء جدّي بحقّ عون. فقال لها القاضي عبود: "تريدين تقديم استقالتك، تستطيعين ذلك. لا مشكلة. في النهاية هناك هيبة القضاء. والموضُوع ليس سياسياً ولا طائفياً. الموضوع هو هيبة مؤسسة قضائية تُهدم على يد القاضية غادة عون وبسبب تصرّفاتها. واليوم نحن مجلس القضاء إن لم نتّخذ موقفاً حفاظاً على كرامة القضاء وهيبة مجلس القضاء، فالأفضل أن نستقيل جميعاً وليس فقط أنتِ". لكن بقيت إسكندر مصرّة على رفض أيّ إجراء جدّي بحقّ عون.

فما هي الخيارات المُتاحة حالياً؟

سبق لوزيرة العدل أن أحالت الخلاف بين عويدات وعون إلى التفتيش القضائي. وبعدما فُتِحَ الموضوع على مصراعيه الآن، وأحالها مجلس القضاء الأعلى اليوم إلى التفتيش القضائي، سنرى كيف سيتعامل مجلس القضاء الأعلى معها، باعتبارها تابعت التمرّد على قراراته وأهانته مجتمعاً. وقد فعل "الماكسيموم" الذي في قدرة صلاحياته أن يفعله. ولهذا لا تحترمه القاضية عون لأنّها تعرف أنّ العضوين المحسوبين على جبران باسيل لن يوافقا على إعلان عدم أهليّتها.

ولهذا باتت الكرة اليوم في ملعب رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، بعدما أحال أيضاً مجلس القضاء الأعلى القاضية عون إليه. فإمّا أن يتّخذ قراراً بإحالتها أمام المجلس التأديبي، وإمّا أن يشارك في دفن هيبة المؤسسة القضائية وسمعتها.

ويقول مصدر قضائي إنّه إذا أحالها إلى المجلس التأديبي، يحقّ له أن يقترح على وزيرة العدل أن توقفها مؤقّتاً عن العمل، إلى حين البتّ بملفّها. ويمكن للوزيرة أن ترفض الاقتراح. لكن للمجلس التأديبي حقّ اتّخاذ قرار بعزلها من السلك القضائي نهائياً.

رهان لبنان واللبنانيين اليوم هو على رئيس التفتيش القضائي. فالقاضيان عبود وعويدات فعلا ما يمكنهما فعله، ونقابتا المحامين اتّخذتا المواقف المطلوبة منهما لدعم القضاء، والباقي على القاضي بُركان سعد: فإمّا أن يتّخذ القرار الشجاع ويحوّلها إلى المجلس التأديبي تمهيداً لعزلها، وإمّا سيُسجّل في تاريخ القضاء أنّ قاضيةً سياسيةً هزمت كلَّ المؤسسات العليا والرقابية في القضاء، وكسرت هيبة القضاء، وكسرت مؤسسةً دستوريةً أساسيةً في لبنان هي الملاذ الأخير للّبنانيين.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/21/%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d9%91%d8%a7%d8%aa-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%87%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d8%a8/feed/ 0
نهاية غادة عون https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/17/%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/17/%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86/#respond Sat, 17 Apr 2021 14:07:14 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=792 لم يسبق أن ضُرِبت هيبة القضاء في لبنان كما ضربتها القاضية غادة عون. حتّى في عزّ الاحتلالات والوصايات والحروب التي مرّت على لبنان، لم يكن القضاء مطيّة سياسية في يد شخص واحد، كما هو في عهدها وتحت يدها وبسبب قراراتها وسلوكياتها.

لم يسبق في تاريخ القضاء اللبناني أن رُفعت 6 دعاوى جزائية على قاضٍ، ولم يسبق في تاريخ القضاء اللبناني أن قُدّمت 28 شكوى في التفتيش القضائي ضدّ قاضٍ واحد. ولم يسبق أن رفض هذا القاضي الواحد المثول أمام قاضٍ آخر، أو الإجابة عن أسئلة "التفتيش" أو الردّ على هذه الدعاوى.

وحدها غادة عون، مدّعي عام جبل لبنان، وأقرب القضاة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، لا تأبه للقضاة ولا للمواطنين ولا للمتضرّرين من قراراتها وسلوكياتها، حتّى يمكن القول إنّها باتت تنافس نوح زعيتر في عدد الشكاوى والدعاوى المُقدّمة ضدّها في كلّ محكمة وتفتيش.

من ينسى كيف أمرت، وهي في طريق مغادرتها لبنان إلى ألمانيا، بتوقيف قاصر أُلقيَ القبض عليه وبحوزته ميزان مخدّرات. وطارت الطائرة. وحين حطّت في ألمانيا، وصلها عدد كبير من الاتصالات، من وزير "ملك" في بعبدا، ومن وزير "رئاسي" في القصر، يطلبان منها إطلاق سراح القاصر، لأنّه نجل منصور فاضل، نائب رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل.

القانون يمنع القاضي من ممارسة صلاحياته خارج الأراضي اللبنانية، فاتصلت غادة عون بكلّ من يمكنها الضغط عليه، لاستصدار أمر بإخلاء سبيله. لكنّ القضاة، وهم يعرفون حجم نفوذها والضغوط عليها، خافوا على أسمائهم وعلى مستقبلهم، فاعتذروا. فما كان منها إلا أن أمرت بإخلاء سبيله، خلافاً للقانون، و من قارة أخرى.

الهوى السياسيّ الفاضح

منذ تعيينها، بدأت الشكاوى منها وعليها. والثابت أنّها لا تحترم الأصول القانونية. ولماذا تحترمها، ما دام رئيس الجمهورية بنفسه يعطّل التشكيلات القضائية منذ 10 أشهر، كرمى لعينيها. أي أنّه يعطّل انتظام عمل القضاء، لأنّ التشكيلات تتضمن إزاحتها من منصبها الحالي.

كلّ من يخالف أهواء مرجعيتها السياسية تقسو عليه، وإن من دون وجه حقّ. والذين يسارعون في هواها، يخرجون مثل شعرة قاصر معه ميزان مخدّرات، من عجينة الترويج والتجارة.

لكنّ حملها بات ثقيلاً جداً حتّى على رئيس الجمهورية. إذ يتردّد أنّ مرجعاً قضائياً كبيراً زار الرئيس عون قبل أيام، وشخّص أمامه حالتها، وأعلمه أنّه لا يمكن بعد اليوم تحمّل أوزارها، فحصل على إجابة تعني في ما تعنيه: "شوفوا القانون شو بيقول".

ولا يخفى على أحد أنّ عون كانت يد العهد الطولى بالقضاء، في مواجهة خصومه السياسيين. فعبرها هزّ ميشال عون العصا لنجيب ميقاتي، ومن خلالها حارب رياض سلامة، وبها واجه الصرّافين الذين ظنّ أنّهم هم سبب البلاء في الليرة والدولار، ومن خلال ملفاتها دخل على أنطون صحناوي وعلى ميشال مكتّف وعلى ملفّ الفيول ليهزّ العصا لسليمان فرنجية. وهي التي استدعت الكثيرين بصفة شاهد، لتحجز حريّاتهم وتعتقلهم خلافاً للقانون، وأبرزهم المدير العام لهيئة إدارة السير والمركبات الآلية، السيدة هدى سلّوم. إذ استدعتها بصفة شاهد واعتقلتها لأشهر في ملفّ فارغ.

اللافت أنّه كلما خرج ملف من يدها وانتقل إلى قاضٍ آخر، وأيّاً كان قرار القاضي، لا يصل الأمر إلى حدّ تقديم شكوى بحقّه أو الادّعاء الجزائي عليه من المتخاصمين، كما يحصل مع غادة عون، لأنّهم يتّبعون الأصول القانونية خلافاً لما تفعله عون.

رفضت المثول 6 مرّات

وقد علم "أساس" أنّ 6 دعاوى جزائية مقامة ضدّها. إذ سبق أن ادّعت عليها هدى سلّوم بجرم "حجز حريتها دون ملفّ"، وادّعى عليها النائب هادي حبيش بجرم "القدح والذم"، وادّعى عليها النائب نقولا فتوش بجرم "التزوير"… وادّعى عليها محامٍ بجرم "تزوير محضر". وفي الدعاوى الأربعة رفضت الحضور إلى التحقيق معها.

لكن منذ أسبوعين، وعلى إثر الدعاوى الجزائية المقامة ضدّها من أنطون الصحناوي وميشال مكتّف، باستغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة، كلّف مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، القاضي عماد قبلان، أن يستدعيها مجدّداً إلى التحقيق. فاعتذرت في المرّة الأولى، وفي المرّة الثانية قدّمت عذراً بأنّ لديها موعداً مع طبيب الأسنان، وفي الثالثة رفضت بحجّة أنّ الدعوى المرفوعة ضدّها تتعلّق بملفّ مفتوح عندها. فتوجّه عويدات إلى مجلس القضاء الأعلى وسأل: "هل أصدر بلاغ بحث وتحرٍّ بحقّها؟".

بعدما بلغ سيل غادة عون زبى مجلس القضاء الأعلى، صوّت يوم الأربعاء 14 نيسان 2021، على تكليف القاضي عويدات "اتّخاذ الإجراءات اللازمة بحقّ غادة عون"، من أجل كفّ يدها. وطلب المجلس من رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد أن يبتّ الشكاوى الـ28 المقدّمة ضدّها، وأن يباشر عويدات التحقيقات في الدعاوى الستة المرفوعة ضدّها.

كفّ يدها عن كلّ الملفّات

يوم الجمعة صباحاً، أصدر القاضي عويدات قراراً قضى بتوزيع الأعمال المنوطة بالقاضية عون على 3 محامين عامين في جبل لبنان، هم القاضي سامي صادر، وحصر بيده جرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها، والقاضي سامر ليشع حصر بيده الجرائم المالية المهمّة، والقاضي طانيوس السغبيني، وحصر بيده جرائم القتل، جاعلاً صلاحيات عون محدودة جدّاً جدّاً، وهذه المرة بتغطية من مجلس القضاء الأعلى.

اللافت أنّ القرار سحب من يد قاضية العهد ورقة مذهبية سبق أن استعملتها، حين حاول القاضي عويدات كفّ يدها قبل ثلاث سنوات. هذه المرّة، بموافقة مجلس القضاء الأعلى، اتّخذ "القرار المناسب"، وكلّف 3 محامين عامين "موارنة"، بدلاً منها، كي لا تستخدم القرار باعتباره قراراً من قاضٍ سنّي، بوجه قاضية مارونية.

الجدير ذكره أنّ مجلس القضاء الأعلى الذي يتألف من 10 أعضاء، طُرد أحدهم وتقاعد آخر، وبعد شهرين يتقاعد عضو ثالث، ويصبح بحكم "غير المنعقد" لأنّ نصاب انعقاده قد فُقد، (8 أعضاء). وبالتالي لن يتراجع عويدات عن قراره إلا بقرار جديد من مجلس القضاء الأعلى.

سيسجّل التاريخ أنّ عهد الرئيس عون شهد أكبر ضربة لصدقية القضاء، حيث صار القضاء مطعوناً في هيبته بسبب غادة عون. وقدّمت هذه القاضية أسوأ صورة للقضاء في تاريخ كلّ العهود. لكنّها اليوم خرجت جزئياً، في مرحلة انتقالية، وباتت قاضية بلا ملفات ولا صلاحيات… باتت "زعيمة المنطقة الفاضية".

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/17/%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%ba%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b9%d9%88%d9%86/feed/ 0
عودة مصر (4): "انهيار لبنان ليس حلّاً… وسنحاربه" https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/05/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-4-%d8%a7%d9%86%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%b1-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%ad%d9%84%d9%91%d8%a7%d9%8b-%d9%88%d8%b3%d9%86%d8%ad/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/05/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-4-%d8%a7%d9%86%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%b1-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%ad%d9%84%d9%91%d8%a7%d9%8b-%d9%88%d8%b3%d9%86%d8%ad/#respond Mon, 05 Apr 2021 13:59:28 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=789 لا ترغب مصر في خوض الحرب مع أحد حاليّاً. لكنّ رئيسها عبد الفتّاح السيسي كان واضحاً في خطابه الأخير: "مياه مصر خطّ أحمر… وإلّا فلا استقرار في المنطقة". هذا تهديد عالي النبرة وغير مسبوق. الرئيس الآتي من خلفية عسكرية، يعرف أنّ ما يقوله يجب أن يستند إلى قوّة عسكرية كبيرة. وهو يدرك أنّ ترتيب جيشه يأتي في المرتبة الـ13 بين أقوى جيوش العالم. وبالتالي هو لا يمزح. فعلاً "لا يمزح".

مصر باتت تهدّد إذاً. أدوارها تتوزّع من ليبيا إلى سوريا والسودان والصومال، ولا تنتهي في لبنان، حيث "تدارى" الموقف المصري خلف المبادرة الفرنسية منذ 8 أشهر تقريباً. لكنّ حركة السفير المصري الجديد ياسر علوي لم تعد خفيّة على أحد.

ماذا عن لبنان؟ كيف نلخّص الدور المصري؟ وهل من دور مصري أوّلاً؟

هناك رأي "دولي" و"عربي" بأنّ "انهيار لبنان يضعف حزب الله". وهو رأي قد يتّفق معه البعض ويختلف معه البعض الآخر. لكنّ الثابت حتّى الآن أنّ حزب الله، وبيئته الاجتماعية، هم الأكثر صموداً، والأكثر تكيّفاً، مع هذا الانهيار. ولا ينفي هذا "التعب" الذي أصاب الأمين العام لحزب الله، والخلافات التي بدأت تعصف بحلفه مع الرئيس نبيه برّي، لأنّ "جيش" برّي يتألّف من الموظفين الحكوميّين، مدنيّين وعسكريّين، ومن طبقة وسطى مصالحها داخل لبنان، ومن أثرياء ملايينهم الدولارية "تبخّرت" أو تكاد، في المصارف اللبنانية شبه المفلسة.

لكنّ لمصر رأياً آخر. النظرية التي تحدّثنا عنها في الأجزاء السابقة من هذه السلسلة، كشفت بوضوح رؤية مصر لـ"العروبة الحديثة": دول وطنية مركزية قويّة، يمكن أن تتحالف من أجل أن يستعيد العرب زمام التاريخ، وزمام المبادرة، وأن يكونوا رقماً صعباً في العالم الجديد.

في هذا المعنى، يبدو أنّ لبنان، وفقاً لهذه الرؤية، مهدّد بـ"الخروج من التاريخ". فبيروت، بعدما فقدت مرفأها، وهو بوّابتها إلى العالم، وبعدما وصل "طريق الحرير" الصيني إلى مرفأ حيفا، باتفاق سيدوم 25 عاماً، من دون المرور في بلاد الأرز، تبدو كأنّها عاصمة تسبح عكس تيّار الزمن.

وللمرّة الأولى في تاريخ لبنان، يشعر المجتمع العربي والدولي براحة وهو يدير ظهره للبنان، بلا أسفٍ ولا ندم. والأسباب كثيرة وواضحة، أبرزها كون لبنان ما عاد ساحة الصراع الوحيدة في المنطقة.

فلبنان كان يتلقّى تمويلاً ليكون طاولة القمار التي يلعب عليها كلّ من يرغب في المقامرة. خطّ تماس إقليمي ودولي. لكن بعدما اشتعلت حرائق المنطقة، بات كلّ بلد ساحة مستقلّة. هناك الحريق السوري، الذي بات حزب الله اللبناني جزءاً منه، وهناك الحريق العراقي، وهناك الحريق الليبي، وهناك الحريق اليمني.

ماذا يعني هذا؟

يعني أنّ العالم انتقل من رغبته في تقديم دعم يمكن أن يُخرج لبنان من أزمته الاقتصادية إلى البحبوحة والازدهار والتطوّر، إلى دعم سقفه توفير المأكل والمشرب للفقراء المعدمين كي لا يموتوا من الجوع. وهذا تغيير كبير يقول في ما يقول إنّ الأزمة طويلة، وإنّ العالم قرّر المشاركة في الحدّ من تداعياتها الإنسانية فقط، وليس وقفها أو منع الانهيار.

السبب الثاني لـ"هجران" المجتمع الدولي لبنانَ، هو أنّ مصارف هذا البلد كانت الرئة المالية والمصرفية للمنطقة. وبعد إفلاس المصارف، انخفضت الودائع، وتوقّفت حركة تحويل المليارات إليها، وبالتالي بات الموقف من المصارف يشبه موقف العالم من البلاد: فهي مهجورة، ولا أحد يهتمّ بصيانة البلاد التي تضمّها.

هنا يأتي دور مصر، التي تحارب فكرة "الانهيار". الانهيار برأي مصر سيسمح بنشوء حالات متطرّفة، وبتقوية المتطرّفين في كلّ الطوائف. الميليشيات القوية يعني سقوط الدولة الوطنية، وتكالب المشاريع الخارجية، غير العربية، عليها. من الأتراك المسرعين إلى العمل في الساحة السنّيّة، إلى الإيرانيين المسيطرين على الساحة الشيعية وعلى كلّ القرار السياسي اللبناني، وصولاً إلى إسرائيل التي تهدّد دوريّاً بقصف البنية التحتية وإرجاع لبنان مئات السنين إلى الوراء.

هذا ربما سيسمح بتسريع عملية تحويل اللبنانيين إلى مسلّحين، تمهيداً للدخول في حرب أهلية، لن تكون دول المنطقة في منأى عن تداعياتها، ومنها بالطبع مصر. وهنا يبرز دور مصر، وموقفها الرافض للانهيار. ولهذا تحاول بكل ما أوتيت من قوّة أن تقف بوجه هذا المناخ العربي والدولي الداعي إلى ترك لبنان ينهار فوق رؤوس أهله لـ"تربية" اللبنانيين.

السفير المصري قال من بكركي: "الفراغ جريمة وليس ورقة تفاوضية". ومصر ترى أن الحلّ لا يكون بتجويع اللبنانيين. رحيل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سمح لهذا الرأي المصري بأن يصير أكثر علنية. وهو مرشّح ليكون الصوت الأعلى في المرحلة المقبلة.

الحلّ يكون بحماية "الدولة"، أي الجيش والقوى المسلّحة، والقوى السياسية التي تواجه المشاريع الأجنبية، من تركية وإيرانية وإسرائيلية، وبدعم الوزارات، وأوّلا بتشكيل حكومة لا ثلث معطّلاً فيها لأيّ طرف. والحجّة أنّ امتلاك طرف قدرةً تعطيليةً سيجعله في موقف حرج أمام بيئته لحظة صدور قرارات غير شعبية. وعدم امتلاك ثلث معطّل يسمح لكلّ الأطراف بالتبرّؤ من القرارات الصعبة باعتبارها عاجزةً عن الوقوف في وجه الإجماع.

مصر لا تمزح: ممنوع انهيار لبنان.

وهذا ليس تفصيلاً.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/05/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-4-%d8%a7%d9%86%d9%87%d9%8a%d8%a7%d8%b1-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%ad%d9%84%d9%91%d8%a7%d9%8b-%d9%88%d8%b3%d9%86%d8%ad/feed/ 0
عودة مصر (3): عروبة ناعمة.. بمواجهة تطرّف تركيا وإيران https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/04/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-3-%d8%b9%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%91%d9%81-%d8%aa%d8%b1/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/04/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-3-%d8%b9%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%91%d9%81-%d8%aa%d8%b1/#respond Sun, 04 Apr 2021 12:35:29 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=786 بحسب تصنيف "غلوبال فاير باور" لعام 2021، الجيش المصري يحتلّ المرتبة الـ13 بين أقوى جيوش العالم، قبل إيران ومرتبتها الـ14… لتأتي إسرائيل في المرتبة الـ20.

هذا التصنيف ليس عابراً ولا تفصيلاً في رؤية مصر لنفسها. بلد المئة مليون عربي، لا يرى نفسه دولةً سنّيّةً في المنطقة. يرفض مسؤولون مصريون هذا التصنيف: "مصر أكبر بلد عربي". وبالتالي، حين يتحدّث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن "الدولة الوطنية"، وحين ينظر إلى البلاد العربية كيف تمزّقها الطوائف والمذاهب والإثنيات، ووعي ما قبل الدولة، وحين يرى كيف تتزاحم التنظيمات الإسلاموية للسيطرة على هذا البلد أو ذاك… وحين نتذكّر أنّ مصر عاشت عاماً إخوانياً أليماً، انتهى بخلع الرئيس الإخواني محمد مرسي، وكيف شهدت مصر اعتداءاتٍ على الشيعة والمسيحيين خلال ولاية مرسي القصيرة، يصير أكثر سهولةً فهم كيف لا ترى مصر نفسها دولةً سنّيّة.

فإذا كانت إيران تحتاج إلى "التشيّع" كي تنفذ منه إلى المجموعات الشيعية في بعض الدول العربية، لتؤلّبها على أنظمة الحكم، فتسلّحها وتموّلها وتغذّيها بالحقد العقائدي، لتنقلب على "الدولة" وتبني ميليشياتٍ لا تني تهاجم الجيوش وتشتبك معها…

وإذا كانت تركيا "تنسخ" التجربة الإيرانية، من خلال التسلّل إلى "جيوش" النازحين السوريين، وتمويلهم وتسليحهم، وتحويلهم إلى مقاتلين في "سفر برلك" جديد، كما فعلت بنقل 8 آلاف مقاتل سوري إلى ليبيا لمحاربة أهلها…

وإذا كانت إسرائيل تعتمد على القوّة الأميركية الساحقة الماحقة، التي لا يمكن لأيّ جيش أن يوازيها أو يواجهها…

فإنّ مصر لا تجد أمامها سوى "الدولة الوطنية"، كما جاء في الجزء الثاني من هذه السلسلة. وهذا ليس خياراً إنشائياً، ولا ينطلق من ترف فكري أو هو واحد من مجموعة خيارات.

الأمن القومي المصري ينطلق من عقل "الدولة العميقة"، التي تعرف أنّ الدول القوية، ذات الخلفية الوطنية، غير الدينية، وغير العنصرية، لا يمكن أن تكون طيّعة في أيدي المشاريع الغريبة عن العروبة. فاللبناني المؤمن بالدولة لا يمكن أن ينخرط في تنظيم "داعش" ليقاتل في سوريا أو اليمن أو إدلب أو سرت.

يمكن القول إنّ جرح إدلب، ومقاتليها المنقولين إلى ليبيا، يؤلم العقل المصري، ويجعله متحسّباً من استخدام أوراق التنظيمات المذهبية والمتطرّفة دينياً، في مواجهة مصر مباشرةً. وجرح إدلب يرفع قلق مصر من استخدام الأتراك شمال لبنان خزّاناً سنّيّاً مشابهاً لإدلب.

من هنا يمكن فهم لماذا تهتمّ مصر باستقرار لبنان، وبحلّ سياسي في سوريا وفي اليمن، قدر اهتمامها باستقرار القاهرة. ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا أمن ميدان التحرير من أمن بيروت وطرابلس وعكّار.

دعم الدولة الوطنية، إذاً، لا بدّ أن يرتطم، وأن يصطدم، وأن يواجه المشاريع الأخرى على امتداد المنطقة العربية.

لنأخذ لبنان مثالاً. بعد تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، قدّمت مصر مساعداتٍ للجيش اللبناني، باعتباره العمود الفقري لـ"الدولة الوطنية" في لبنان.

ثم أقامت جسراً جويّاً طوال أكثر من 6 أشهر، نقل أطناناً من المساعدات، من بينها زجاج وألمنيوم لترميم ما خلّفه تفجير المرفأ. وقد تسلّم هذه المساعدات وزير حزب الله في حكومة تصريف الأعمال، باعتباره وزير الصناعة، عماد حبّ الله. وتسلّم وزير حزب الله في وزارة الصحّة، حمد حسن، أطناناً من مساعدات الأدوية. وقدّمت السفارة المصرية مساعداتٍ لمستشفى الزهراء، ولمستشفى بهمن، في ضاحية بيروت الجنوبية، ولغيرهما من المستشفيات طبعاً.

مصر في لبنان، كما في غيره من الدول، لا تتصرّف من منطلق سنّيّ، ولا بمواجهة الشيعة. في الخمسينيّات كان رئيس الجمهورية فؤاد شهاب، المارونيّ، هو حليف مصر.

حليف مصر هو "الدولة" إذاً، وبناءً على هذا المبدأ تتفرّع المواقف. ومصر هي الدولة العربية الكبرى، وليست دولة سنّيّة. ومشروعها قد يصطدم بالإيرانيين في بيروت، والشمال والجنوب، وهو مستعدّ لهذا الاصطدام. لكنّه ليس مشروعاً استفزازياً، ولا ينطلق من "عداء" لأيّ طرف أو مجموعة. والدليل على هذا هو التنسيق الدائم بين سفارة مصر وبين حزب الله منذ عام 2005. وبعد حرب تموز 2006 كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن لقاءات دورية مع مندوب من سفارة مصر. والتاريخ سيكشف دور مصر في وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006.

مشروع مصر العربي هو مشروع ناعم، وغير صداميّ. لكنّه في مواجهة موضوعية وطبيعية مع مشروع إيران العسكري التسلّحي المذهبي، ومع مشروع تركيا الطامع في أدوار خارج الحدود التركية، بناءً على أحلام عثمانية.

إنّها العروبة الناعمة، في مواجهة التشيّع المسلّح، والتسنّن المتطرّف.

في الجزء الرابع والأخير غداً: لا مواجهة بين مصر والسعودية في لبنان؟

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/04/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-3-%d8%b9%d8%b1%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a9-%d8%a8%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%91%d9%81-%d8%aa%d8%b1/feed/ 0
عودة مصر (2): تأسيس مشروع عربيّ.. بـ"الدولة الوطنيّة" https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/03/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-2-%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d9%91-%d8%a8%d9%80%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/03/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-2-%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d9%91-%d8%a8%d9%80%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9/#respond Sat, 03 Apr 2021 12:33:00 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=783 يتداول مثقفون، عرباً وأجانب، أنّ في المنطقة عدداً من المشاريع: المشروع الإسرائيلي، والمشروع التركي، والمشروع الإيراني… في غياب أيّ مشروع عربي.

الأوّل الاسرائيلي بدأ يبتكر لنفسه مدىً حيوياً لا يبدأ من توأمة مرفأ حيفا في اتفاق 25 عامٍ مع الصين، ولا ينتهي بفتح الأسواق الخليجية من خلال مشروع التطبيع مع عدد من الدول العربية.

الثاني التركي بات يمدّ أيديه وفق حلمه "العثماني" الكبير، من كراباخ على حدود إيران، إلى محاولاته الليبية، مروراً بقطر وإدلب، وصولاً إلى جس نبض شمال لبنان، وها هو يوسّع مرابضه المستوردة إلى اليمن، بتنسيق مع المملكة العربية السعودية.

والثالث الإيراني حدّث ولا حرج، فهو الأكثر انتشاراً، ويتباهى جنرالاته بأنّهم يسيطرون على 4 عواصم عربية، هي بغداد وصنعاء ودمشق وبيروت.

عن وفي مصر، ستسمع كلاماً مختلفاً. هناك مشروع عربي بدأت مصر في العمل عليه منذ سنوات.

إذا كان الفرس قد اشتهروا بأنّهم يصنعون السياسة كما يصنعون السجّاد، خيطاً خيطاً، وبصبر وطول بال، وعلى مدى عقود، ليحصدوا "خلوداً" في المُنتج، ومتانةً لا تُضاهى، وبثمنٍ عالٍ، فإنّ المصريين يعتمدون سياسة "الهرم الكبير"، أي أنّهم يبنون عظمتهم بصبر أين منه صبر السجّاد العجمي، وبمتانة الصخور العملاقة، وبما لا يُقدّر بثمن، وإنجازاتهم يمكن رؤيتها من الفضاء، كما الأهرام. فهم ملوك دلتا النيل، وبُناة السدّ العالي، وحرّاس قناة السويس، وقبل ذلك هم مهندسون، ليبنوا السدود ولـ"يحكموا النهر" الذي كان يفيض عليهم، فأخضعوه.

مشروع مصر هو العمل على "استعادة العرب زمام المبادرة التاريخية"، وذلك من خلال دول وطنية قوية، تتشارك ضمن إطار عربي فاعل.

هي العروبة إذاً، لكن العروبة "الوطنية"، أي تلك التي تخرج من الوعي الأوّلي، إلى الوعي المُكتسب. وبكلام آخر، تقوية الدول التي تجتمع حول الهوية الوطنية، وليس الهويّات المذهبية أو الإثنية أو العرقية أو المناطقية.

هذا الكلام قاله الرئيس السيسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2016. دافع عن الدول العربية الوطنية، واعتبر أنّ "الإرهاب" هو العدوّ وأنّه "في العقول يجب أن تُبنى حصون السلام". وكشف عن رؤية جديدة لمصر تقوم على "ارتباط الأمن القومي العربي، بما فيه أمن الخليج العربي، بأمن مصر". وهو وعي مصريّ جديد في تاريخها الحديث، منذ خروج الناصرية من شوارع المدن العربية.

كان هذا إعلاناً، من على منبر الأمم المتحدة، لمشروع عربي يتجاوز مصر، ويعيد إليها دورها كـ"قلعة العروبة"، بعدما فقدت هذا الدور، أوّلاً بالسلام مع إسرائيل الذي أبرمه أنور السادات، وجعل مصر تخسر قلوب العرب، وثانياً بمشروع "مصر أوّلاً" الذي انتهجه مبارك طوال 30 عاماً من حكمه.

في تلك الكلمة تحدّث عن ضرورة إيجاد حلول في ليبيا وسوريا واليمن، ودعا إلى سلام ينهي الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وصولاً إلى رؤيته في أفريقيا، بين بوروندي والصومال والسودان. ترافق ذلك مع خطّة عملية تنفذ في كثير من المجالات محقّقة "مصر دائماً" في البنية التحتية، تبدأ من القاهرة ولا تتوقف في اتجاه كلّ محافظات المئة مليون مصري. هذا إذا صدق العدّ.

كلّ الحلول الإستراتيجية، التي طرحها، تستند إلى حماية "الدولة"، في ما يبدو أنّها السياسة المصرية الجديدة. "الدولة الوطنية" دولةٌ فوق العواطف القبلية والمرجعيات المذهبية التي لم توصل إلا إلى "حروب مساقط الأمطار ومراعي الإبل". الدولة التي تغرف من الحداثة وتتجاوز الانتماءات "الأوّليّة" إلى هوية مشتركة، يمكن من خلالها الانتساب إلى العروبة الحديثة.

والدليل على صدقية هذا العقل المصري، هو كيفية تعامل "الدولة العميقة"، منذ عهد مبارك إلى عهد السيسي، مع الملفّ السوري. وكان الحفاظ على "الدولة" هو الأساس، لئلا تلحق سوريا بالعراق، بعد تفكيك الدولة والجيش.

هذا هو المشروع العربي الذي يبدو أنّه يولد في مصر. مشروع يواجه العصبيات التي تتّكىء عليها المشاريع الأخرى، المذكورة في السطر الأوّل من هذا النصّ، بالحفاظ على "الدول الوطنية"، لتكون نواة القوّة العربية في المستقبل.

في الحلقة الثالثة غداً: هل مصر دولة "سنّيّة" فقط؟

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/03/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-2-%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d9%91-%d8%a8%d9%80%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9/feed/ 0
عودة مصر (1): خروج الفرعون من القلعة https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/02/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-1-%d8%ae%d8%b1%d9%88%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%84%d8%b9%d8%a9/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/02/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-1-%d8%ae%d8%b1%d9%88%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%84%d8%b9%d8%a9/#respond Fri, 02 Apr 2021 12:25:10 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=780 إذا أردنا تحقيب الدور المصريّ في الإقليم، فسنكون مجبَرين على الركون إلى تاريخ محدّد، يكون بداية القياس والتشبيه. ولأنّ لبنان الجديد وُلد ذات 14 شباط، من رحم حريق التفجير الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري، فلنبدأ من هناك، لنرصد سيرة خروج الفرعون من قلعته الكبيرة، إلى محيطها الإقليمي.

في 2005، حين عبر المشروع الإيراني من وسط بيروت، حاملاً معه رفيق الحريري، كان عمر الرئيس المصري حسني مبارك 77 عاماً. شاخ في الحكم بعد 25 عاماً رئيساً، وبالطبع شاخت معه نظريّاته السياسية، وشاخت سياسته الداخلية. وكانت مصر – مبارك "مُحافِظة"، منغلقة على نفسها، تحاول صيانة "الاستقرار". وهي الكلمة التي لم تغِب عن أيّ من خطابات مبارك. فقد كان الاستقرار إنجازه الأكبر، وسقط مع سقوطه.

لكن بين العامين 2000 و2010 كانت مصر تغلي. يروي أحد الضليعين بشؤون الأدب والفنّ، أنّ هذا العقد شهد "فورة روائيّة" غير مسبوقة. فقد كان النتاج الروائي السنوي يعادل نتاج عشر سنوات من الروايات في العقود السابقة. وهذا يعني، في ما يعنيه، أنّ الشباب كان "يُناقش" و"يقترح". فالأدب مرآة المجتمع. ومصر – المدن كانت تغرق في الروايات المعترضة والتي تفكّك حرائق المجتمع وتنبىء بالانفجار.

مع الغليان الروائيّ، كان الغليان ينتشر في النقابات وبدأت الطبقة الوسطى، التي صنعها "الاستقرار"، تتحرّك على فوالق الزلازل التي أخذت تضرب المنطقة منذ 11 أيلول 2001 إلى احتلال العراق وأفغانستان، وصولاً إلى حريق البوعزيزي، في تونس القريبة… وسرعان ما وصل الحريق مطيحاً "استقرار" مبارك وحكمه.

وكما الهرم، كذلك هي "الدولة العميقة" في مصر. يسقط الرأس، فلا يتأخّر موظف عن دوامه في اليوم التالي. تسير ساعة الدولة بثبات تاريخيّ، ولا يسقط "الجنيه"، كما حصل في لبنان على سبيل المثال.

شهدت مصر موجتين ثوريّتين بين 2011 و2013. غيّر المصريون 4 رؤساء في ثلاث سنوات، خامسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد "الاستقرار" إلى مصر منذ 2014. أربعة رؤساء يشبهون الحجر الأخير على رأس الهرم. ولا يتأثّر الهرم.

سبع سنوات على حكم الرئيس السيسي حتّى اليوم. استعادت مصر خلالها توازنها في الداخل. ثبّتت الجنيه بعد تعويمه. نهض الاقتصاد. وها هو السيسي يبني عاصمة ثانية، إدارية، على بعد 75 كليومتراً من القاهرة، بكلفة 300 مليار دولار…

سريعاً، خلال عام واحد فقط من رئاسته، اكتشف الرئيس السيسي أنّه لحماية القلعة المصرية، لا بدّ من الخروج منها. كأنّه اقتنع بنظرية المفكّر الجيو – استراتيجي جمال حمدان، الذي كان يقول إنّ مصر لم تنتصر في حرب داخل أرضها، ولم تنهزم في حرب خارج أرضها.

وبعدما كانت الدولة المصرية تتعافى من عام كامل من محاولات "الأخونة"، خرجت طائرات الجيش المصري لتدكّ معاقل الإرهابيّين في ليبيا في 2015، معلنةً خروج الفرعون من القلعة.

منذ تلك اللحظة، أدركت "الدولة العميقة" في مصر أنّ الأمن القومي المصري لا يبدأ في ميدان التحرير، ولا ينتهي في قناة السويس، بل يبدأ من ليبيا، ويمرّ في العراق، والأردن، والعلاقات المميّزة مع الإمارات والمملكة العربية السعودية، ولا ينتهي في سوريا، وصولاً إلى لبنان.

رسمت مصر، منذ 2015، وصولاً إلى حزيران 2020، حدودها في الإقليم. في 6 حزيران الفائت، بدأ رئيس مصر في رسم الخطوط الحمر من حول قلعته: "مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجويّة في ليبيا خطّ أحمر لأمننا القوميّ". وفي 30 آذار 2021 رسم خطّاً جديداً: "المساس بمياه مصر خطّ أحمر"، وأضاف مهدّداً: "من يأخذ نقطة مياه من مصر يسبِّب حالة عدم استقرار في المنطقة لا يتخيّلها أحد. ولا يتصوَّرَنَّ أحدٌ أنّه سيكون بعيداً عن قدرتنا".

هكذا بدأت مصر بالخروج من الانكفاء، إلى محيطها، وإلى دورها الإقليمي الذي أخذها ذات تاريخ، مع الرئيس جمال عبد الناصر، لتكون مبشّرة بالعروبة والوحدة العربية ولتكون قائدة العرب وبوّابتهم إلى المستقبل، وصنعت تاريخهم الحديث، من الجزائر إلى اليمن وسوريا وصولاً إلى لبنان…

في الحلقة الثانية غداً: هل يولد مشروع عربيّ في القاهرة؟

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/04/02/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1-1-%d8%ae%d8%b1%d9%88%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%b9%d9%88%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%84%d8%b9%d8%a9/feed/ 0
لماذا انقلب برّي والجيش ودياب وسلامة على "السيّد"؟ https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/26/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a8-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d9%88%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%b9/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/26/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a8-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d9%88%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%b9/#respond Fri, 26 Mar 2021 12:21:20 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=777 ثلاثة أيّام كانت كافيةً لإعلان "العصيان المدنيّ"، بوجه "الخطاب العسكريّ" الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله يوم الخميس 18 آذار، حين وزّع الأوامر وقال: "وصلت معي لهون"، مشيراً إلى أنفه، ثم هدّد بـ"خيارات كبيرة ‏ومهمّة".

الأوامر كانت واضحة: لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن يسيطر على سعر صرف الليرة، ولقائد الجيش بأن يفتح الطرق وأن يقمع الاحتجاجات الشعبيّة، ولرئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب بأن يفعّل حكومة تصريف الأعمال. و"نصح" الرئيس المكلّف سعد الحريري أن يشكّل حكومة "تكنوسياسية" وليس حكومة اختصاصيّين، يكون "لديها أكتاف"، كي تحمل معه وِزْر القرارات التي ستتّخذها.

الردّ الأوّل جاء من داخل البيت الشيعيّ. الرئيس نبيه برّي قرأ "لطشة" نصر الله له واتّهامه بأنّه حمى رياض سلامة بقوله: "نحن أصغينا إلى كلام من نثق به ونحترم رأيه، عندما قال لنا إنّه إذا عزلنا ‏الحاكم الآن فسيصبح الدولار عشرة آلاف وخمسة عشر ألفاً، اليوم أصبح عشرة آلاف وخمسة عشر ألفاً…".

صباح الاثنين صدر بيانٌ عن المكتب السياسيّ لحركة "أمل"، يمكن عدُّه "انتفاضة" أولى من نوعها من عين التينة، ومن "أمل"، منذ الهدنة التي انتهت إليها معارك إقليم التفّاح ومجازرها. وهو الصدام السياسيّ الأوّل بين الطرفيْن منذ توقيع اتفاق الطائف، أيْ منذ 32 عاماً. مما استدعى اجتماعاً ليل الثلاثاء استمرّ حتى ساعات الصباح الأولى بين علي حسن خليل وأحمد بعلبكي عن حركة أمل وقياديبن من حزب الله.

البيان كان واضحاً: "حكومة اختصاصيّين غير حزبيّين وفق ما تمّ التوافق عليه في المبادرة الفرنسيّة بعيداً من منطق الأعداد والحصص المعطّلة". أيْ أنّه يرفض "التكنوسياسية والثلث المعطّل" ويتمسّك بمبادرة فرنسا.

وأكمل البيان ردّاً على اتّهام نصر الله: "كنّا في موقع الدفاع عن استقرار الصرف في ظلّ غياب مجلس مركزيّ للمصرف ولجنة رقابة على المصارف، وحذرّنا من الارتجال في أيّ قرار يؤدّي إلى مثل هذا التدهور، لكنّ الوضع يختلف اليوم مع وجود هيئات مكتملة والنتائج الكارثيّة والعجز عن اتخاذ إجراءات حقيقيّة"، وخلص إلى أنّ الأزمة سياسيّة و"التدهور سببه غياب الإدارة السياسيّة المسؤولة". ورمى طابةً في ملعب رئيس الجمهوريّة وغمز من تراجع شعبيّته مسيحيّاً، مطالباً بإجراء الانتخابات الفرعيّة.

بعد البيان توجّه الحريري إلى بعبدا وأطلق كلامه الذي أعلن شبه قطيعة مع رئيس الجمهوريّة، متمسّكاً بتشكيلته من 18 وزيراً اختصاصياً، رافضاً نصيحة التكنوسياسية.

ثم ردّ الجيش ردّاً غيرَ مباشر، بما نقلته الزميلة ملاك عقيل في "أساس" قبل أسبوع عن "العارفين بخارطة طريق الجيش في تحرُّكه على الأرض"، الذين "يؤكدون أنّ قائد الجيش منذ بدء الحراك على الأرض يتصرّف من منطلق مسؤولياته الوطنيّة غير متأثّر بأيّ نوع من الضغوطات، أكانت محليّة أم خارجيّة، وخارج أيّ حسابات سياسيّة".

هو ردّ غير مباشر، لكنّه واضح: لن نخضع للضغوط، ونحن خارج أيّ حسابات سياسيّة.

ثمّ خرج الرئيس حسّان دياب معلناً بوضوح أيضاً رفضه تفعيل حكومته. وقيل الكثير في الأسباب. لكن لعلّ التحليل الأقرب إلى المنطق أنّه "يردّ الصاع لـ8 آذار التي تركته وحيداً بعد تفجير المرفأ، وكادت تقدّمه كبش محرقة باستدعائه إلى التحقيق".

أوصل دياب موقفه إلى من يعنيهم الأمر عبر القنوات المعتمدة: "لن أفعّل الحكومة". ووضع شرطاً تعجيزيّاً: "أن يغطّي مجلس النواب دستورياً هذا التفعيل". أيْ باستصدار قانون، وهو يستلزم إجماعاً غير متوافر لا الآن ولا لاحقاً.

وعلم "أساس" أنّه عقد بعد ظهر الخميس اجتماعٌ "أونلاين"، بين الوزراء الأقرب إلى النائب جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون في حكومة تصريف الأعمال، لمناقشة آليات ممكنة أو محتملة لتفعيل العمل الحكومي، من دون رئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب. وذلك في سياق الضغط المتواصل على دياب للسير في مشروع تفعيل الحكومة.

وقد عُرف من الوزراء المجتمعين أسماء وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الاقتصاد راؤول نعمة ووزيرة المهجّرين غادة شريم ووزير الداخلية محمد فهمي ووزير الصناعة عماد حبّ الله ووزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان ووزيرة العدل ماري كلود نجم…

ثمّ انضم إلى الاجتماع وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية (حصة طلال أرسلان)، ووزير الصحّة حمد حسن (حزب الله).

وإذ تردد أنّ وزيرة الدفاع زينة عكر هي التي دعت إلى الاجتماع، وزّع مكتبها الإعلامي نفياً.

بقي رياض سلامة، الذي اتّفق مع الرئيس ميشال عون على إطلاق منصّة جديدة داخل المصارف لمحاولة السيطرة على سعر صرف الليرة. لكنّ المشروع بقي في إطار القيل والقال ولا شيءَ جدّيّاً حتّى الآن. وهذا يعني أنّها قد تكون "طبخة بحص"، أو على الأقلّ مؤجّلة، ارتباطاً بعوامل عديدة، ليس آخرها تشكيل حكومة جديدة.

إذاً برّي ودياب والجيش وسلامة قالوا "لا"، في ما يشبه "الانقلاب على الانقلاب".

لكن لنتذكّر أنّ نصر الله هدّد بـ"خيارات كبيرة ‏ومهمّة، إجراؤها عبر الدولة والمؤسّسات وطبقاً للقانون غير مُتاح، ويوم يصبح البلد ‏أمام جوع حقيقيّ وأمام انهيار حقيقيّ، سوف نَلجأ إلى هذا النوع من الخيارات. ما هي؟ لن أتحدّث الآن".

فهل دخلنا زمن "الخيارات الكبيرة والمهمّة بالاعتداء على مؤسّسات الدولة"؟

]]> https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/26/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a8-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d8%b4-%d9%88%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%b9/feed/ 0 خطاب "السيّد": 3 رسائل إلى برّي https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/22/%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%91%d8%af-3-%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a/ https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/22/%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%91%d8%af-3-%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a/#respond Mon, 22 Mar 2021 11:17:49 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=774 من راقب وليد جنبلاط كيف سارع إلى بعبدا بعد خطاب الأمين العام لحزب الله، قد تعتريه الدهشة. لكنّ جنبلاط كان كمن رأى عدداً من الزملاء يتعرّضون لـ"المسيّرات الكلاميّة المتفجّرة"، فقرّر، حين وُزِّع الورق، أن يدقّ على الطاولة: "I’m out، لا تحسبوا حسابي، هذه المرّة لن ألعب".

لطالما كان الرئيس نبيه برّي هو "الظهير الدائم" لجنبلاط. ظهره وصديقه وسرّه. حتّى في 7 أيّار، فتح له الطريق من كليمنصو، حيث كان مُحاصَراً، إلى المختارة، حيث استعاد السيطرة على محازبيه، وقرّر "تسليم" طلال أرسلان أمن الجبل.

فماذا تنتظر من جنبلاط، حين سمع السيّد حسن نصر الله يخاطب مرجعيّات السلطة، كلّها من دون استثناء، بالتهديد والوعيد، وهذه المرّة لم يسلم حتّى الرئيس برّي؟

إذا كان برّي مشمولاً بـ"كلن يعني كلن" التي أطلقها "السيّد"، فلا تنتظر من جنبلاط أن يستعدّ للمواجهة. اتّصَل فوراً بالنائب العوني الذي كان يزوره ويدعوه إلى بعبدا: "صرتُ جاهزاً". وهكذا كان.

فما هي الرسائل التي وصلت إلى عين التينة من حارة حريك، وعلى الملأ؟

هي ثلاث رسائل قاسية، مرتبط بعضها بالبعض الآخر، وتدور حول مثل شعبيّ لبناني: "القلّة بتولّد النقار"، أي أنّ الحاجة تزيد المشكلات بين الأخوة وفي العائلة الواحدة وفي طول البلاد وعرضها طبعاً:

الرسالة الأوّلى: حمّل برّي جزءاً كبيراً من مسؤوليّة انهيار الليرة. فقد قال بالحرف تعليقاً على عدم إقالة رياض سلامة: "قيل وقتها ونحن أصغينا إلى كلام من نثق به ونحترم رأيه، عندما قال لنا إنّه إذا عزلنا ‏الحاكم الآن فسيصبح الدولار عشرة آلاف وخمسة عشر ألفاً، اليوم أصبح عشرة آلاف وخمسة عشر ألفاً". هكذا "لطش" الرئيس برّي، وكانت تلك اللطشة "تدور" على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسبوعين تقريباً، ردّاً على ما كان "يدور" بحقّ رواتب حزب الله التي بالدولار.

الرسالة الثانية: ردّ "السيّد" على ما انتشر على لسان لبنانيّين كثيرين، لكنّ أبناء حركة "أمل" أكثر من غيرهم داخل بيئة "الثنائي"، من أنّ حزب الله "مش فارقة معو" لأنّ عناصره يقبضون رواتبهم بالدولار. فأوضح أنّ معظم الرواتب بالليرة اللبنانية، و"أكثر من 80 % لا يتقاضون أصلاً"، واضعاً رواتب الدولار في إطار محدّد هو "المقاتلين في سوريا، وكانت رواتبهم 400 و500 دولار… قبل سنة ونصف وسنتين كانت الناس تسخر من ‏راتبهم وإذا واحد يذهب ليتزوج لا يزوّجوه – بعض الناس طبعاً – وعنده مشكلة أن يستأجر بيت ويؤمن ‏بيت ويفرش بيت…".

الرسالة الثالثة: هي مرتبطة بالأولى والثانية: قطع الطرق. وقد ختمها بقوله: "وصلت معي لهون". وهو أعلى مستوى من التهديد الكلامي الذي يمكن أن يصل إليه نصر الله. ومعروف أنّ بيئة حركة "أمل" هي التي انتفضت في ضاحية بيروت الجنوبية خلال الأسابيع الفائتة، وذلك بعد الارتفاع الجنوني في سعر الدولار أمام الليرة. فـ"جيش برّي" الأساسي، بعشرات الآلاف، يتألّف من "موظفي الدولة"، مدنيين وعسكريين وثابتين ومياومين، إضافة إلى المناصرين من التجّار وأصحاب المصالح الصغيرة والمتوسّطة حتّى الكبيرة، الذين يحتمون بنفوذ برّي داخل مؤسسات الدولة. وكلّ هؤلاء أصمّ أنينهم آذان الرئيس برّي، وكان الشارع هو آخر دوائهم.

نصر الله توجّه إلى هؤلاء، قبل غيرهم، بالقول: "أُريد أن أَقول لقاطعي الطرق، أنا خلال كل الفترة الماضية أدعو الناس إلى الصبر والتعاطي بحكمة، والآن ‏أدعوهم مجدداً للصبر، ولكن أنا واحد من الناس الذي نفد صبره، هذا الموضوع يجب أن تجدوا له حلاً"، وتابع: "هؤلاء يخدمون مؤامرة ‏خارجية تريد إحراق البلد".

هكذا وصلت الرسالة الثالثة، كخلاصة للرسالتين، الأولى والثانية: أنت حميتَ سلامة، هناك تحريض علينا وعلى دولاراتنا، وقطع الطرق لن نسمح به.

ليس المجال كافياً للحديث عن الخلاف الكبير بين برّي وميشال عون، ومن وراء عون هناك حزب الله بالطبع، حول ملف ترسيم الحدود البحرية، الذي يعتبر برّي أنّه يجب أن يحسم سريعاً من خلال التفاوض على 860 كلم بحرية مربعة، فيما يشدّ عون والحزب لاختراع "مزارع شبعا بحرية" جديدة، تعطّل أيّ حلّ، بأن يبدأ التفاوض من المطالبة بـ2200 كلم مربع.

وليس معروفاً مدى دقّة أحاديث من ينقلون أنّ الرئيس نبيه برّي غاضبٌ من حزب الله ومن الخطاب القاسي بحقّه، ومن السرعة التي يسير إليها لبنان نحو الانهيار، دون لجم السائق ميشال عون.

"القِلّة بتولّد النقار"، لكن أيضاً، عند الأزمات والكوارث الوطنية والوجودية، فإنّ الرئيس نبيه برّي يختار دائماً لبنان ومصالحه، على مصالح الدول الأخرى. وهنا تكمن المشكلة الكبيرة عند الحزب.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2021/03/22/%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%91%d8%af-3-%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a8%d8%b1%d9%91%d9%8a/feed/ 0