العين – محمد بركات https://www.mohamadbarakat.com Sat, 28 Dec 2019 18:04:23 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=5.5.15 https://www.mohamadbarakat.com/wp-content/uploads/2019/03/ico.png العين – محمد بركات https://www.mohamadbarakat.com 32 32 حزب الله: ديكتاتور شيعي.. وديمقراطي عند السنّة https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/27/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%af%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%aa%d9%88%d8%b1-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/27/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%af%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%aa%d9%88%d8%b1-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af/#respond Fri, 27 Dec 2019 17:57:47 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=501 في اللحظة نفسها التي يفرض حزب الله وحركة أمل رئيسا سنياً هو رئيس الحكومة المكلّف الدكتور حسّان دياب، في موقع الرئاسة اللبنانية الثالثة، يستمرّ هذا الثنائي الشيعي الحاكم في لبنان بالهجمات اليومية، ليلاً ونهاراً، على محتجّين شيعة يحاولون التظاهر في منطقتي النبطية وصور، اعتراضاً على الأزمة المعيشية والسياسية.

حزب الله هذا نفسه الذي -بالتكافل والتضامن مع حركة أمل- يمنع العمل السياسي بشكل تام في مناطق نفوذه، فالعمل السياسي خارج "الثنائي" ممنوع في الجنوب والبقاع وفي كل قرية شيعية، وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، حتى أن من يملك رأياً معارضاً يخاف البوح به ويهمس به همساً.

وحين خرجت مظاهرات الثوار في كل لبنان تعرض المحتجون على الفقر والجوع في مناطق نفوذ حزب الله وحركة أمل إلى أبشع أنواع القمع والضرب والإذلال، في بنت جبيل مثلا -جنوب لبنان- تعرّض المحتجّون في أوّل أيام الثورة إلى الضرب أمام عيون عناصر قوى الأمن والجيش.

مرشّحون إلى الانتخابات النيابية في جنوب لبنان والبقاع تعرّضوا للتهديد والاعتداءات الجسدية، عدا عن تهم التخوين والعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، الصحفي علي الأمين هاجمه نحو 10 شبّان من حزب الله وضربوه في قريته الجنوبية شقرا، قبل الانتخابات، وخسر بعضاً من أسنانه خلال الاعتداء.

وهناك المئات من الناشطين والمعترضين الذين لم يجرؤوا على خوض الانتخابات، لا ترشيحاً ولا انتخاباً. عدا عن منع افتتاح مكاتب أو مراكز للمعارضين الشيعة داخل بلداتهم وقراهم ومدنهم، حتّى أن كلّ شيخ شيعي يتعرّض للعزل والتخوين إذا ثبت بالوجه السياسي عدم ولائه المطلق لولاية الفقيه، أو لشبكات رجال الدين التي تديرها حركة أمل خارج منظومة ولاية الفقيه.

على سبيل مثال، هناك المفتي السيد علي الأمين، مفتي صور وجبل عامل، اعتدى "الثنائي" عليه وطرده من دار الإفتاء في الجنوب، وعزله من منصبه خلال أحداث 7 أيار 2008، لأنه يحمل رأياً سياسياً مخالفاً، وهو اليوم يتعرّض لحملة تخوين واتهامات.

في المقابل، أدار حزب الله عدداً لا بأس به من المرشّحين داخل البيئة السنية، واستطراداً داخل البيئة الدرزية، عدا عن حليفه المسيحي الأبرز التيار الوطني الحرّ.

في البيئة السنية حصل حزب الله على فوز مريح لحلفائه من المرشّحين السنّة، وهم: فيصل كرامي وجهاد الصمد في الشمال، وفؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي في بيروت، وأسامة سعد في صيدا، وعبدالرحيم مراد في البقاع، والوليد سكرية في بعلبك، إضافة إلى النائب عن حركة "أمل" وعن قرى العرقوب السنّي في حاصبيا-الجنوب قاسم هاشم.

طبعاً السبب الأساسي لهذا الخرق الكبير في البيئة السنية، بكاسحة ألغام تابعة لحزب الله، هو قانون الانتخاب الجديد. لكنّ فوز حزب الله بهذه المقاعد السنية من خلال هذا القانون لم يكن ممكناً لولا أنّ حزب الله أرسى بنية تحتية خدماتية ومالية وسياسية متينة لهؤلاء المرشّحين. والأساس هو حريّة العمل السياسي المفتوحة أمامهم في كلّ المناطق ذات الأكثرية السنية.

في المقابل، وإلى جانب غياب الدعم المالي والسياسي والخدماتي للمرشّحين، أو الناشطين، أو الراغبين في العمل السياسي، من الشيعة المعارضين لحزب الله وحركة "أمل"، فإنّ الأساس هو غياب حريّة العمل السياسي، ونجد بدلاً منها التضييق والتهديدات، وصولاً إلى قتل هاشم السلمان أمام بوابة السفارة الإيرانية.

وهاشم السلمان كان نظّم مظاهرة احتجاجية على تدخّل حزب الله في سوريا أمام السفارة الإيرانية في حزيران 2013، شارك فيها شبان شيعة معارضون للحزب والحركة، فأطلق عليه النار شبّان لبنانيون من حرّاس السفارة، أمام عيون قوى الأمن والجيش، ونزف حتى صفّى دمه على الأرض، دون السماح للمسعفين بنقله إلى المستشفى، ليكون عبرة لمن يعتبر من الشيعة المعارضين.

هنا يبدو جلياً معنى "الميثاقية".

فهي تعني، فيما تعنيه، "حماية" التوازنات المذهبية، طالما أنّ شروط "التوازن" غير موجودة، بل ممنوعة، وذلك من خلال الاتفاق الضمني على أنّ "الأقوياء في طوائفهم" هم من يتولّون المناصب العليا، باعتبار أنّ "الثنائي الشيعي" وحده يملك تفويضاً كاملا، بحصوله على كلّ النواب الشيعة، الأمر الذي عجزت كل الأحزاب الأخرى عن الإتيان بمثله.

اليوم، حين يأتي "مدنيّ" من أنصار العلمانية أو من خصوم الطائفية السياسية، ليقول إنّ "الثورة تريد الخروج من الخطاب المذهبي"، وإنّه لا يجوز معارضة حسّان دياب باعتباره سنّياً "أقلّ مما يجب" فهو محقّ بالطبع.

لكن لا يمكن إجبار طرف واحد على التخفّف من رغباته "الميثاقية"، في حين تفرض جهة مذهبية حلفاءها نواباً على المذاهب الأخرى، كما فعل حزب الله وحركة "أمل"، ويمنع العمل السياسي داخل مناطقه.

وإلى أن يسمح "الثنائي الشيعي" بنشاط المعارضين السياسيين الشيعة داخل مناطق "سيطرة سلاحه"، وإلى أن يوقف حزب الله وحركة أمل" البلطجة السياسية وغير السياسية، على المعارضين داخل بيئته، بالتزامن مع تنطّحه بفرض معارضين، خصوصاً في المراكز الأساسية، على زعماء بقية المذاهب، ستبقى "الميثاقية" ضرورة، وستبقى السبيل الوحيد لحماية "التوازنات" الوطنية.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/27/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%af%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%aa%d9%88%d8%b1-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d9%8a-%d9%88%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b7%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af/feed/ 0
حسّان دياب: سقوط نظرية "الأقوياء في طوائفهم" https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/22/%d8%ad%d8%b3%d9%91%d8%a7%d9%86-%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%88%d9%8a%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%b7%d9%88%d8%a7/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/22/%d8%ad%d8%b3%d9%91%d8%a7%d9%86-%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%88%d9%8a%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%b7%d9%88%d8%a7/#respond Sun, 22 Dec 2019 17:51:25 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=498 "الأقوياء في طوائفهم" هي النظرية التي ابتُدِعَت من أجل التسوية الرئاسية بين العماد ميشال عون والشيخ سعد الحريري، ليصير الأوّل رئيساً لجمهورية لبنان، باعتباره حائزاً على تمثيل القسم الأكبر من المسيحيين، والثاني رئيساً لمجلس الوزراء باعتباره الممثّل لأوسع شريحة نيابية وشعبية من السنّة. ويضاف إليهم الثابت منذ ثلاثة عقود، الرئيس نبيه برّي، ممثلاً للشيعية السياسية في رئاسة مجلس النواب. وتمّ تقسيم التمثيل في مجلس الوزراء وفق هذه النظرية، إضافة إلى التوازنات النيابية التفصيلية التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة.

تفترض هذه النظرية أنّ تمثيل الطوائف، بأقويائها، في السلطة اللبنانية، سيحدّ من الأزمات السياسية، وسيفتح المجال أمام اتخاذ إجراءات وقرارات تعفي السلطة من مواجهة الشارع، لأنّ "الشوارع" ستكون ممثّلة بـ"الأقوياء". كما تفترض أنّ تمثيل شرائح أوسع من "المذاهب" هو الحلّ للخروج من "أزمة النظام" التي دخلها لبنان طوال عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.

كما أنّ هذه النظرية أعطت رئاسة الجمهورية لفريق 8 آذار، مقابل رئاسة الحكومة لفريق 14 آذار. لكن بالممارسة تبيّن أنّ 8 آذار لها رئاسة الجمهورية كلّها، وراحت تقاسم الرئيس الحريري على صلاحياته في رئاسة الحكومة، بدءاً من تشكيل الحكومة، حيث نالت الثلثين المعطّلين في مجلس الوزراء، وليس ثلثاً معطّلاً فقط، وشاركت في تسمية معظم الوزراء.

بعد ثلاث سنوات من هذه النظرية، يبدو واضحاً أنّ الأزمة السياسية تحوّلت إلى أزمة مالية واقتصادية. ووصل طرفا التسوية الرئاسية إلى حائط مسدود في إدارة شؤون الدولة، ربما لنقص في كفاءة الفرق القيادية، وربما لعيبٍ في تشكيل هذه الفرق. فهي فرق تم تعيينها من قبل "الأقوياء" في سبيل بقائهم أقوياء، لناحية اختيار النافذين شعبياً، والقادرين مالياً، وليس بالضرورة الأكثر كفاءةً.

اليوم، وعلى عتبة سقوط لبنان، مالياً واقتصادياً، نشهد السقوط المدوّي لهذه النظرية.

بات واضحاً أنّها نظرية عنصرية، تفترض أنّ "الأكثر شعبية"، سيكون الأكثر كفاءةً، والأكثر ذكاءً، والأكثر قدرةً على القيادة. بل عنصريتها افتراضها أنّ الأكثر شعبية في هذا المذهب، سيكون الأكثر ملاءمة لهذا المنصب. وهذا تجاوزته البشرية في القرن الحالي.

الأقوياء في طوائفهم ليسوا بالضرورة الأكثر كفاءة لقيادة لبنان. بل ربما يكونون الأكثر "تمدّداً"، والأكثر حاجة إلى الوظائف في الدولة، لإشباع المناصرين والحواشي (جمع "حاشية"). والأكثر حاجة إلى الأموال، لتمويل بقائهم "الأقوياء" في كل استحقاق، في الانتخابات البلدية، وفي الانتخابات النيابية، وفي الانتخابات النقابية، وفي انتخابات المهن الحرّة، من مهندسين ومحامين وعمّال وفلاحين.

الأقوياء في طوائفهم، كما بيّنت تجربة السنوات الثلاث الأخيرة، يحتاجون إلى تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي زادت على كاهل الدولة، واستطراداً على أكتاف اللبنانيين، ما يقارب ملياري دولار سنوياً، كـ"رشوة انتخابية" لمئتي ألف موظّف، من كلّ المذاهب والمناطق، توجّهوا إلى صناديق الاقتراع وهم فرحون بمضاعفة رواتبهم ضربة واحدة، وجدّدوا البيعة لـ"الأقوياء".

الأقوياء في طوائفهم يحتاجون إلى الكثير من المزايدة المذهبية، وإلى نسب متزايدة من الخطاب العنصري، ليبقوا أقوياء في نظر القواعد الشعبية، خصوصاً مع قانون انتخابات مذهبي، نسبي في المحافظات، جعل المزايدة في التعصّب معياراً لزيادة الشعبية، وليس الانفتاح الوطني والخطاب الجامع.

الأقوياء في طوائفهم يحتاجون، كلّ يوم، إلى اختراع خلاف بين بعضهم وبعض، لإبقاء جذوة الاستنفار المذهبي في أعلى مراحلها، كي يبقوا هم، وليس أحد غيرهم، في أعلى سلّم حاجة القواعد المذهبية إلى حمايتهم من "الآخر"، مذهبياً ومناطقياً. ما جعل لبنان، أكثر من أيّ وقت مضى، منذ الاستقلال، وما قبله، ساحةً مزايدات مذهبية واستنفار يومي، لا تبدأ من الخطاب الانتخابي المتشنّج، وتمرّ في أحداث قبرشمون ونبش قبور الحروب الأهلية كلّ يوم، ولا تنتهي في استثارة العصبيات المذهبية لحرف الشارع من ثورة وطنية إلى مناوشات مذهبية.

الأقوياء في طوائفهم يحتاجون إلى الكثير من المال ليصرفوا على وسائل الإعلام، كي تستر فضائحهم، وكي تحاول اختراع طرق لامتداحهم، رغم أنّ البلاد تذهب بكلّ اللبنانيين، إلى مجهول ماليّ وإلى انهيار اقتصادي بات واضحاً. وبالتالي يحتاجون إلى صداقات رجال الأعمال والأثرياء، وبالتالي يستسهلون فرض الضرائب على الفقراء ومتوسّطي الدخل، ويحيّدون المصارف وكبار المتموّلين. وهذا ما نشهده حالياً في كلّ الأوراق الاقتصادية التي لن تنشل لبنان من أزماته.

سقطت نظرية "الأقوياء في طوائفهم". وسقوطها قد يتحوّل إلى أزمة نظام. لأنّها ما عادت مقنعة، لا في الداخل ولا في الخارج. وبعد الرئيس المكلف بتشكيل حكومة لبنان، حسّان دياب، فإنّ سقوط هذه النظرية سيهيّئ أسماءً أقلّ تشنّجاً ليشغلوا رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكم لمجلس النواب لاحقاً، في المرحلة المقبلة.

اللعبة تتغيّر في لبنان، ولا أحد يستطيع منع تحوّلاتها السريعة.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/22/%d8%ad%d8%b3%d9%91%d8%a7%d9%86-%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%88%d9%8a%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%b7%d9%88%d8%a7/feed/ 0
كلام المطران عودة وصواريخ القيادي الإيراني https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/13/%d9%83%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%88%d8%b5%d9%88%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a5/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/13/%d9%83%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%88%d8%b5%d9%88%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a5/#respond Fri, 13 Dec 2019 17:39:50 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=495 ليست غريبة الحملة التي أطلقها حزب الله ضدّ مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة، حملة عنيفة على مواقع التواصل من "نجوم" حزب الله، استكملها رئيس كتلته النيابية محمد رعد، الذي اتهمه بأنّه "يجهّل الأسباب الحقيقية للأزمة ويبرّر استهداف المقاومة".

فماذا قال المطران في 8 ديسمبر/كانون الأوّل الجاري؟

قال جملتين لا يختلف عليهما اثنان في لبنان وفي العالم، قال التالي: "هذا البلد يُحكم من شخص، كلكم تعرفونه، ولا أحد يفتح فمه، ويُحكم من جماعة تحكمنا بالسلاح". وسأل: "أين الثقافة؟ أين العلم؟ أين المستوى اللبناني الذي نفتخر به؟ أين هو؟ شخص لا نعرف ماذا يعرف ويحكم بنا، يُرجع إليه ولا يُرجع إلى الأعلى منه" وختم: "شو معتّر هالبلد".

بعد أقلّ من 48 ساعة خرج علينا "مستشار في الحرس الثوري الإيراني"، اسمه اللواء مرتضى قرباني، ليقول التالي: "إذا ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، فإننا سنسوي تل أبيب بالأرض من لبنان، دون الحاجة إلى معدّات أو إطلاق صواريخ من إيران".

مسؤول عسكري في جهاز أمني إيراني، يهدّد إسرائيل بحرب عسكرية عليها، انطلاقاً من حزب الله، التابع لإيران، في لبنان. بكلّ ما يحمله هذا التهديد من اختراق لأبسط قواعد العلاقات الدولية، وبكلّ ما يختزنه من إهانة للدولة اللبنانية، وبكلّ ما يعلنه من إمساك بأمن لبنان وسيطرته على قراره الحربيّ والعسكري، والقرار السياسي بالطبع.

بلا خجل وبلا أيّ اعتبار لما يقوله قادة حزب الله، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله، من أنّ العلاقة مع إيران هي "في خدمة لبنان". هكذا وبوقاحة لا سابق لها، يعلن مسؤول عسكري إيراني أنّ لبنان، بمواطنيه وشعبه وجيشه وأجهزته الأمنية ومؤسساته السياسية والدستورية وقوانينه، وبنوابه ووزرائه ورؤسائه الثلاثة، لا وزن لهم ولا قيمة لهم في عيونه وفي "دماغ" المؤسسة التي يتحدث باسمها، بل هم مجرّد بيادق و"كومبارس" يحرّكهم كما يشاء.

قبله كان قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني قد أعلن في يونيو/حزيران 2018، بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية، أنّ "حزب الله حصل على 74 مقعداً من أصل 128 في برلمان لبنان" واصفاً ذلك بأنّه "نصر كبير" لإيران.

فلماذا هذا الهجوم على المطران عودة؟

الأسباب كثيرة، ليس أوّلها أنّ عودة بات يتحدث بلغة "صفيرية" (أي يشبه مكانة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير)، أي أنّه بدأ يأخذ مكانة رفيعة في البيئة السيادية، خصوصاً أنّ اعتراضه على "جماعة تحكمنا بالسلاح" لا يقرّشه في الزواريب السياسية، بوقوفه إلى جانب طرف سياسي ضدّ آخر في ملفات سياسية. بل يعطي رأياً عاماً يمسّ قضايا "وطنية" و"جامعة" ويدافع عن "المصلحة العامة"، دون أن يكون محسوباً على زعيم سياسي مثلاً، كما هو الحال مع رجال دين آخرين من طوائف مختلفة.

لطالما تباهى مسؤولون إيرانيون بأنّ بلادهم "تسيطر على أربع عواصم عربية"، قاصدين لبنان والعراق واليمن وسوريا. ليس أوّلهم وزير الاستخبارات السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد حيدر مصلحي في 2015. وليس آخرهم في فبراير/شباط 2018 عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران رحيم بور أزغدي، الذي قال إنّ "6 دول باتت تحت سيطرة نظام خامنئي، بعدما خرجت من تحت سيطرة واشنطن، وهي العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، وفلسطين، وأفغانستان"، داعياً إلى "إعلان الإمبراطورية الفارسية".

والرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه تباهي قبل شهرين بأنّه "لا يمكن اتخاذ قرار في لبنان أو العراق دون الرجوع إلى إيران"، وبالتالي يصبح الهجوم على المطران عودة أقرب إلى محاولة لإثارة "انقسام طائفي"، شيعي/مسيحي، والإيحاء بأنّه "إسلامي/مسيحي"، في لحظة الثورة اللبنانية، ضمن محاولات "تطييف" المشاعر اللبنانية، ونزع الصفة الوطنية عنها، ونقل المزاج الشعبي والمدني إلى مكان آخر، مذهبي وعصبوي.

حزب يتفاخر قائده بأنّه مموّل من إيران وبأنّه يكدّس مئات آلاف الصواريخ، وبأنّه يقاتل ويعتدي على عدد من الدول العربية، لماذا يُسمح له باستعمال لبنان وسمعته في حرب إعلامية إيرانية – سياسية، وربما لاحقاً عسكرية، ضدّ خصومه، ولا يُسمح لرجل لبناني بالاعتراض على هذا السلوك، مطراناً كان أو شيخاً أو إنساناً بلا صفة حتّى. الاعتراض وليس التسلّح أو الدعوة إلى المواجهة.

هل يريد حزب الله أن يخرس اللبنانيين كلّهم؟

هل يظنّ أنّه سينجح حيث فشلت إمبراطوريات ودول، منذ آلاف السنين إلى يومنا هذا؟

في زمن الصراخ، ومواقع التواصل، والثورات الشعبية، يبدو حزب الله ديناصوراً من خارج الزمن، وصواريخه، قريباً، ستشبه جسد الديناصور الضخم، الذين لن ينجيه من الانقراض، حين يبدأ المحيط البيئي بالتغيّر.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/13/%d9%83%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%88%d8%b5%d9%88%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a5/feed/ 0
"شيعة شيعة" في بيروت: حزب الله يدفن "المقاومة" https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/04/%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d8%af%d9%81%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/04/%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d8%af%d9%81%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7/#respond Wed, 04 Dec 2019 17:32:16 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=492 هو اعتراف واضح وصريح ولا لبس فيه من حزب الله، بأن شعار "المقاومة" بوجه إسرائيل، ما عاد قادراً على إقناع أحد، لا في الداخل ولا في الخارج. وهو إقرار متأخر بأن المشروع الذي ادعى أنه "حركة تحررية"، ينتمي إلى سلالة الحركات التحررية، منذ مطلع القرن الماضي إلى اليوم، ليس إلا حركة مذهبية منغلقة، هدفها السيطرة والتوسع.

هو اعتراف تاريخي، من ذراع إيران اللبنانية، بأن حزب الله هو حركة "شيعية" الواجهة، عدوانية المحتوى، لا تعترف حتى بالشيعة المعارضين من أبناء بيئتها، في مدن صور والنبطية وبعلبك وبيروت.

بدا ذلك واضحاً في الهجوم القاسي من شبان حزب الله وحركة "أمل" على خيم الثوار اللبنانيين في هذه المدن ذات الأكثرية الشيعية، خلال الأسبوع الفائت، مطلقين هتافاً وحيداً وعارياً يحمل كل صفات الاعتراف: "شيعة، شيعة، شيعة".

قبلها كان شبان من هذين الحزبين قد هاجموا خيم الثوار اللبنانيين في ساحة رياض الصلح، وسط بيروت، والشبان والشابات المحتجين على "جسر الرينغ" في الوسط نفسه، وضربوهم، هاتفين بالحناجر نفسها: "شيعة، شيعة، شيعة".

ثم جال شباب حزب الله وأمل على خطوط التماس التاريخية، المسيحية – الإسلامية بين الشياح وعين الرمانة، والسنية – الشيعية في قصقص، وكان الهتاف نفسه: "شيعة، شيعة، شيعة".

فلماذا يهتفون باسم المذهب الذي حاول حزب الله مراراً الهروب من "عباءته" والتأكيد على أنه حزب غايته "مقاومة" إسرائيل في لبنان وفي مواقفه الفلسطينية، و"مكافحة الإرهاب" حين انغمس بالدم السوري وتورط في المشهد العراقي، "والمدافعة عن المظلومين" في اليمن وغيره. لماذا؟

قد يكون الجواب أكثر بساطة مما يعتقد كثيرون.

فاللبنانيون الذين نزلوا إلى الشارع، خصوصاً الشيعة منهم، في الجنوب وبعلبك وعلى أطراف الضاحية، وفي قلبها، ضمن منقطة المشرفية، ما عادوا يصدقون "شعار" المقاومة. وبات الجوع يحرّكهم، وهم يرون القصور التي بناها مسؤولو حزب الله في القرى والبلدات الفقيرة. قصور يكاد المنطق يقول إنها قاب قوسين أو أدنى من التعرض لمظاهرات الجائعين الذين لا يجدون قوت يومهم.

ما عادت نافعة "حكاية" أنّ حزب الله وحركة "أمل" يعملون لـ"نصرة المحرومين"، ولا ادعاء "محاربة الفساد"، الذي بات يٌسمى على وسائل التواصل الاجتماعي، بـ"حسن اكبر مستنداتي"، على سبيل المزاح، المسؤول عنه في حزب الله، النائب حسن فضل الله، بسبب تكراره التهديد بـ"كشف ملفات ومستندات ستودي بمسؤولين كبار إلى السجن".

والحال هذه، ما عاد أمام حزب الله سوى "الهيكل العظمي" الحقيقي الذي يتألف منه فكره وتنظيمه، وهو "الشيعة". هكذا، بالعُري المذهبي الحقيقي، بعد سنوات من محاولته إخفاءه بملابس المقاومة والدفاع عن الفقراء ونصرة المظلومين ومواجهة الإرهاب.

"شيعة" فقط، بلا أي مشروع اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي أو حتى ديني. "شيعة" بالمعنى السلبي للكلمة، وبما تحمله من إيحاء بـ"الاعتداء" و"الهجوم على الآخر" و"العنف"، وليس بما تحمله هذه الكلمة من معاني "التضحية" و"نصرة الحقّ" و"الاستشهاد في سبيل الكرامة".

فهؤلاء الذين يعتدي عليهم شبّان الهتاف المعيب، خرجوا للمطالبة بكرامتهم وبحقوقهم وخرجوا مستعدين للتضحية بحياتهم، مثل علاء أبوفخر وحسين العطار، شهيدي الثورة اللبنانية. وبالتالي هم أقرب إلى التشيع من شبان القبضات العنيفة والحناجر المُهينة.

حتى إن النائب عن حزب الله، إبراهيم الموسوي، كتب يوم الأربعاء الفائت على تويتر أن "رفع الشعارات المذهبية مثل (شيعة شيعة)، أو أي شعار مذهبي آخر أمر مستهجن جداً، بالتأكيد لا يفيد المذهب بل يمكن أن يضره أيضاً". وأضاف: "لقد كان الأداء الشيعي قولاً وفعلاً وتضحيات، راقياً دوماً، وتوحيدياً على المستويين الإسلامي والوطني، وأخلاقياً وإنسانياً بامتياز أيضاً، فلنحفظه كذلك".

فيما خرج رجل الدين الشيعي المعارض لحزب الله، الشيخ ياسر عودة، ليقول: "شعرت أنهم يشوهون المذهب الشيعي، ويشوهون صورة المجتمع الشيعي، لأن أمير المسلمين عليه السلام يقول: "شيعتنا من عمل بأخلاقنا وإلا فليسوا من شيعتنا". وأضاف: "السؤال الطبيعي: هل هذه أخلاقنا؟ تستعملون اسم التشيّع واسم الحسين؟ أفهم ذلك على جسر الرينغ، لكن بعلبك وصور والنبطية ماذا؟ هؤلاء شيعة مثلكم مثلهم". وختم: "من عاش الحسين أن يقف بوجه حركة الناس وضد مطالبها من أجل حماية الفاسدين".

وكان لهم بالمرصاد ليل الأربعاء أيضاً الشيخ علي، نجل السيد الراحل محمد حسين فضل الله، الذي توجّه إلى مناصري حزب الله بالقول: "عندما تهتف باسم الشيعة يجب أن ترتقي الى قيم التشيع وأخلاقه". ومثلهم شيوخ شيعة كثيرين تضامنوا مع أهالي عين الرمانة المسيحيين، معترضين على عراضات حزب الله وحركة "أمل" الشعبية ضدهم.

"شيعة، شيعة، شيعة"، هكذا ودون أي حياء أو خجل، يعلن مناصرو حزب الله أنه بات حزباً مذهبياً فقط.

وللتذكير، فقد كان لبنانيون كثيرون قد وضعوا أصابعهم على هذا الجرح منذ سنوات، حين توجه مقاتلو حزب الله إلى سوريا، للمشاركة في قمع ثورة الشعب السوري وتحويلها إلى صراع مسلح، بين الثوار، وبين الحزب وجيش بشار الأسد، الذين كانت لهم الغلبة العددية والنوعية.

وكان اللبنانيون قد استشعروا، ولمسوا، وأمسكوا بعيونهم، جحافل حزب الله، في شوارع بيروت وجبل لبنان، وهم يحتلون مناطق لا يسكنها الشيعة، في 7 مايو/أيار 2008، لانتزاع مكاسب سياسية في الداخل اللبناني.

وقبلها بكثير كان اللبنانيون قد اشتموا رائحة "الانصياع الكامل" لحزب الله في المنظومة الإيرانية، بعدما نفذ حزب الله، عملية عسكرية خارج الخط الأزرق وخارج مزارع شبعا، في 12 يوليو/تموز 2006، على إيقاع المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران. ونجح حزب الله في الضغط من البوابة الإسرائيلية، لإقرار الاتفاق مع الرئيس باراك أوباما، لكن بكلفة 1500 قتيل لبناني وعشرات مليارات الدولارات، وسنوات من إعادة إعمار الضاحية والجنوب والجسور في لبنان كله.

وقبل 20 عاماً، كان لبنانيون كثيرون، ومعظمهم من أركان المعارضة الشيعية، لثنائي "حزب الله" وحركة "أمل"، قد أشاروا بإصرار إلى الحزب العسكري، وقالوا للبنانيين إنّه يستعمل سلاحه في الضغط عليهم وعلى بيئته، في الجنوب والبقاع والضاحية، ويمنعهم من العمل السياسي، ويهدد معارضيه من الشيعة في وظائفهم وفي أرزاقهم وفي معاملاتهم الإدارية، ليبسط سيطرته الشعبية، ويخنق أي صوت آخر داخل البيئة.

قال المعارضون الشيعة هذا الكلام منذ تحرير الجنوب في مايو/أيار من عام 2000. لكن أحداً لم يسمع. وانتظر اللبنانيون 8 سنوات، حتى مايو/أيار 2008، ليصدّقوا أنّه حزب يستعمل سلاحه لإخضاع المختلفين معه.

أما العرب فانتظروا حتى اندلاع الثورة السورية في 2011، ليكتشفوا أن حزب الله ليس "مشكلة لبنانية"، وأن ما تركوه ينمو، كالفطر، في البيئة الشيعية، انتشر من خلال "سرايا المقاومة"، العسكرية والسياسية، في البيئات السنية والمسيحية والدرزية، صانعاً نواباً ووزراء (في الحكومة الأخيرة) من كل الطوائف، بناء على فوزه بالانتخابات النيابية، ثم راح ينتشر في الدول العربية من أقصى الشمال الأفريقي إلى أقصى الخليج العربي.

حزب الله اعترف: "شيعة، شيعة، شيعة". وخرج شيعة آخرون في كل المدن الشيعية يتظاهرون ضد الجوع وضد "الحزب الحاكم".

ومن الآن فصاعداً، على المجتمع العربي والدولي أن يحمي هؤلاء الخارجين من حزب الله وعليه. فالمستقبل للشيعة المدنيين، وإلا، فسيأكل شبان الحناجر والقبضات، مستقبل لبنان كلّه، وربما مستقبل شعوب عربية أخرى أيضاً.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/12/04/%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d8%af%d9%81%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7/feed/ 0
لبنان: المذهبية والدم.. سلاح السلطة الأخير https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/27/%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b0%d9%87%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%85-%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/27/%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b0%d9%87%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%85-%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae/#respond Wed, 27 Nov 2019 17:22:36 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=489 لم يعد أمام "السلطة" في لبنان سوى العنف والدم. لم يعد أمامها سوى إشاعة خطاب الكراهية واستنهاض العصبيات المذهبية، من أجل وأد انتفاضة اللبنانيين ضدّ الطبقة السياسية، وثورتهم ضدّ الفساد وسياسات التجويع والإفقار التي أوصلت لبنان إلى شفا المجاعة.

لم يعد أمام "الحزب الحاكم"، بجناحيه، الحزب اللهي والعوني، غير ضرب الساحات من خلال خطاب مذهبيّ يعيد اللبنانيين إلى خنادقهم العميقة، ويجعلهم أعداء بعضهم البعض، في خدمة الزعماء المذهبيين، كي يكملوا امتصاص دمائهم ودماء أولادهم من بعدهم.

مؤلمٌ لأرباب العنف مشهد اللبنانيين في الساحات يرقصون على أنغام الأناشيد الوطنية. يتألّمون حين يرون الحدود الطائفية تسقط بين المناطق وبين الآتين من مذاهب وطوائف متعدّدة، ليصبّوا في نهر واحد، هو نهر الثورة ضدّ الطبقة السياسية. والحلّ الوحيد الذي بقي أمام هذا الحزب الحاكم هو سلام الدم.

إشارات عديدة وجّهها حزب الله إلى الثوّار، بدءا من يوم الثورة الأوّل في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصولاً إلى ليلة الأربعين من الثورة، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، والإشارات كلّها تهدّد بالدم وبالفوضى، ودوماً الحجّة نفسها: "شتموا حسن نصر الله". رغم أن لا أحد يريد شتمه، ولا أحد يرى أنّه حان الوقت لمحاسبته على ما ورّط به لبنان من خصومات عربية وحروب لصالح الوليّ الفقيه الإيراني. هذه مرحلة سيأتي دورها لاحقاً.

الثورة الآن تخاصم الفاسدين من السياسيين، وتدفع نحو حكومة لا مكان فيها للوجوه المستفزّة للشارع، لكنّ السلطة لا تعرف غير لعبة واحدة، والحزب الحاكم تحديداً، لا خبرة لديه في إدارة معركة بوجه وطنيين. اعتاد طويلاً على الشوارع المذهبية، وبات خبيراً في مواجهة المسيحيين تارةً، والسنّة طوراً، والدروز أطواراً.

هي المرّة الأولى التي يهتف شبّان حزب الله: "شيعة، شيعة، شيعة" في مواجهة لبنانيين آخرين على جسر "الرينغ" في وسط بيروت، فيردّ عليهم الثوّار على بعد مئتي متر: "شيعة، شيعة، شيعة". لعلّه الردّ الأذكى في تاريخ لبنان. كانوا يقولون لهم: "نحن شيعة مثلكم، وأنتم عليكم أن تثوروا مثلنا". رفضوا الانصياع لمحاولاتهم، بأن يجعل منهم "مسيحيين" أو "يساريين" أو حتّى خليطاً واسعاً لكنّه يعادي حزب الله. قالوا لهم: "نحن منكم". وهتفوا: "شيعة، شيعة، شيعة".

انتهز حزب الله فرصة مقتل رجل وامرأة في حادث سير على الطريق العام الذي يربط جنوب لبنان ببيروت. استغل موت رجل وشقيقة زوجته، ونجاة ابنته، من حادث سير عاديّ، وطبيعيّ، يحصل 10 مرّات وأكثر في لبنان يومياً، بسبب عوائق وضعها الجيش.

الاستغلال كان ميسّراً لحزب الله لأنّ الحادث وقع على مفرق بلدة برجا السنيّة. هناك حيث استعصى على الجيش وقوى الأمن فتح الطريق كلما أقفلها شبّان بلدة برجا (أكثريتها سنيّة). رغم أنّ الحادث وقع بعيدا عن مكان الاعتصام عشرات وربما مئات الأمتار، كما أوضح فيديو وثّق لحظة وقوع الحادث.

حشد حزب الله مناصريه ليل الأحد 24 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد ساعات من الحادث، وهاجم شوارع "مسيحية" الطابع في وسط بيروت، وحطّم مناصروه السيارات على جانبي الطريق، وكتبوا على الجدران شعارات مذهبية، وهم يهتفون بشعارات مذهبية كذلك. وفي اليوم التالي، ليل الإثنين 25 نوفمبر/تشرين الثاني، حشد حزب الله مناصريه على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية، وفي ساحات جنوبية، ضمن تحرّكات صنّفها الإعلام "عن روح الشهيدين".

فوراً باتا شهيدين وبات على المجتمع الشيعي أن يحيي ذكراهما، وذلك في محاولة استنهاض قبيحٍ لعصبية شيعية ما، ضدّ الثورة وضدّ المنتفضين منذ 17 أكتوبر/تشرين الأوّل.

لكنّ الشيعة شاركوا في الانتفاضة وفي الثورة، في مدن كبيرة مثل بعلبك والنبطية وصور، وفي بلدات أساسية مثل كفر رمان وبنت جبيل، رغم اعتداءات مارسها شبّان حزب الله ضدّ المعتصمين والمتظاهرين.

هو السلاح الأخير لدى هذه السلطة: سلاح المذهبية، بهدف إعادة تقسيم اللبنانيين، شيعةً وسنّةً ودروزاً ومسيحيين.. وهذا السلاح خرطوشه الوحيد هو الدم الذي لا بدّ سيسيل على الطرق وسيكون دم حادث السير "نزهة" أمام الدم الذي سيغطّي مساحات كبيرة من خريطة لبنان.

هو سلاح المذهبية والدم الذي يبدو أنّ "السلطة"، بحزبها الحاكم حزب الله، لم يعد أمامها غيره لضرب ثورة اللبنانيين من أجل الحريّة وضدّ الفساد والجوع.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/27/%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b0%d9%87%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%85-%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae/feed/ 0
لا أحد يريد رئاسة حكومة لبنان https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/22/%d9%84%d8%a7-%d8%a3%d8%ad%d8%af-%d9%8a%d8%b1%d9%8a%d8%af-%d8%b1%d8%a6%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/22/%d9%84%d8%a7-%d8%a3%d8%ad%d8%af-%d9%8a%d8%b1%d9%8a%d8%af-%d8%b1%d8%a6%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86/#respond Fri, 22 Nov 2019 17:11:10 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=486 على خلاف ما يظنّه كثيرون، لا أحد يريد رئاسة الحكومة في لبنان، ربما تكون المرّة الأولى في تاريخ بلاد الأرز، حيث هناك منصب، أيّ منصب، لا أحد يريد تولّيه، ولا أحزاب تتنازعه. فكيف إذا كان المنصب الأكثر أهمية على مستوى السلطة التنفيذية؟
ربما لم يحدث أن بقي منصب شاغر في لبنان، بسبب العزوف عن الترشّح لشغله، وبسبب العفاف السياسي عنه.

كانت القاعدة دائمًا في لبنان أنّ المراكز تشغر بسبب التناتش عليها، وبسبب عدم التوافق السياسي والطائفي والمذهبي على اسم محدّد، ما يعطّل المؤسسات. أي أنّ كثرة المرشّحين كانت تجعل من الصعب التوافق على اسم واحد. هكذا حصل مع رئاسة الجمهورية، في كلّ مرّة، منذ انتهاء الحرب الأهلية. وهكذا كان يحصل في كلّ الخلافات حول التعيينات، قضائية كانت أو إدارية أو عسكرية.

اليوم، بات هذا المنصب أقرب إلى كرة النار التي تتقاذفها أطراف السلطة.

لنبدأ برئيس الحكومة سعد الحريري، هو أعلن مراراً، عبر مصادره وعلى لسانه، أنّه يوافق على تسمية غيره. وسمّى كثيرين، بينهم إداريون في مؤسسات الدولة ومتقاعدون، ومن بينهم رئيس الحكومة سابقاً، تمام سلام، والأخير رفض، وقال في حديث صحفي إنّ "السنوات الثلاث التي مرت من العهد، حتى الآن، لم تشجّعه بتاتاً على العودة الى رئاسة الحكومة مجدداً". قال هذا في سياق الإصرار على عدم تحمّل هذه المسؤولية إلى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون.

أيضاً خرج رئيس الحكومة سابقاً، نجيب ميقاتي، في حديث صحفي، ليقول إنّ "المرحلة صعبة، ولا يمكن سوى إعطائها (رئاسة الحكومة) للشخص الذي قام بالتسوية الرئاسية وتبوّأ منصب رئاسة الحكومة مدّة ثلاث سنوات"، قاصداً بالطبع الرئيس الحريري.

وبات معروفاً أنّ النائب والوزير السابق محمد الصفدي طلب سحب اسمه من التداول، بعد اعتراضات شعبية على تكليفه، بسبب شبهات فساد اتهمه بها إعلاميون وناشطون.

ولا يخفى على أحد في لبنان أنّ حزب الله لا يريد تسمية شخصية سنية من حلفائه، رغم أنّه يملك أكثرية 74 نائباً، من أصل 128، أي أكثر من النصف زائداً واحداً، لكنّه يحاذر من تسمية سنّي لا يوافق عليه القادة السنّة، ويفضّل شخصية توافقية بينه وبين الحريري ورئيس الجمهورية وبقية الأطراف.

كذلك فإنّ الرئيس عون، حين اقترح وزير خارجيته وصهره جبران باسيل، اسم الصفدي، اشترط موافقة الحريري، ثم في تبادل البيانات بين الحريري وباسيل، راح كلّ طرف يتّهم الآخر بأنّه لم يكن جديّاً في دعم الصفدي.

لا أحد يريد رئاسة الحكومة في لبنان.

فالمصارف بعضها يشارف على إعلان إفلاسه. والوضع المالي تشارف معه الليرة اللبنانية على الانهيار. إذ بات لها سعران: سعر صرف رسمي مقابل الدولار هو 1507 ليرات، وسعر في السوق السوداء يتراوح بين 1750 و1900 أحياناً.

كذلك فإنّ الاقتصاد انكمش إلى الحدود القصوى مع تزايد القيود المصرفية على التحويلات والسحوبات داخل لبنان وإلى خارجه، وبعد إقفال المصارف المتقطّع خلال الشهر الفائت، ومع العقوبات الأمريكية الشديدة على حزب الله، التي طالت المصارف نسبياً.

لا أحد يريد أن يكون رئيس حكومة الانهيار المالي، ولا أحد يريد أن يكون الرئيس الذي سيتذكر اللبنانيون أنّهم في عهده خسروا مدّخراتهم أو جاعوا أو فقدوا وظائفهم.

ولعلّ هذا ما يؤخّر الاستشارات النيابية التي كان يفترض أن يجريها رئيس الجمهورية قبل 10 أيام، لاختيار شخصية تتحمّل مسؤولية التكليف وتشكيل الحكومة. وهذا ما سيجعل أيّ رئيس مكلّف يأخذ وقتاً طويلاً قبل أن يقدم تشكيلته، وهو ما قد يترك البلاد بلا حكومة لزمنٍ قد يطول.

لبنان الذي يخسر مواطنوه وظائفهم بشكل متزايد، فيه وظيفة واحدة لا تجد من يشغلها: رئاسة الحكومة.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/22/%d9%84%d8%a7-%d8%a3%d8%ad%d8%af-%d9%8a%d8%b1%d9%8a%d8%af-%d8%b1%d8%a6%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86/feed/ 0
بغداد – بيروت – طهران.. فشل إيران المدوّي https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/18/%d8%a8%d8%ba%d8%af%d8%a7%d8%af-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%b7%d9%87%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%81%d8%b4%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%88/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/18/%d8%a8%d8%ba%d8%af%d8%a7%d8%af-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%b7%d9%87%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%81%d8%b4%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%88/#respond Mon, 18 Nov 2019 17:05:19 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=483 لطالما تباهى القادة الإيرانيون بأنّهم سيطروا على أربع عواصم عربية، هي بغداد والشام وبيروت وصنعاء.

بدأت بيروت بالانتفاض على "النظام" و"السلطة" تحت شعار "كلهم يعني كلهم". وليس خافياً على أحد أنّ "النظام" في لبنان بات ممسوكاً بالكامل من حزب الله. فرئيس الجمهورية هو مرشّح حزب الله الذي عطّل الانتخابات الرئاسية قرابة ثلاثة أعوام رافضاً انتخاب غيره. ورئيس مجلس النواب هو الحليف الشيعي لحزب الله. ومجلس النواب تفاخر قاسم سليماني بأنّ أكثريته حليفة له، مع 74 نائباً من أصل 128، كما أنّ الحكومة المستقيلة التي كان يرأسها سعد الحريري، لحزب الله وحلفائه أكثرية الثلثين فيها.

للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، ثورة من أقصى شمال لبنان إلى أقصى جنوبه، في كل المناطق والزواريب، وداخل كل الطوائف، حتى داخل الطائفة الشيعية، وحتى داخل جمهور حزب الله. الجغرافيا السياسية تهتزّ و"السلطة" تقف عاجزة عن فهم ما يجري، وبالتالي عاجزة عن "ردّة الفعل" المناسبة؛ لأنّها لم تفهم حقيقة ما يجري.

في بغداد انتفاضة أيضاً، نواتها شيعية، ضدّ "النظام"، الذي أيضاً تمسك به إيران، وتعيّن حكوماته وتمسك بأكثرية مجلس نوابه، وتمسك بأمن العراق كلّه، بعد "القضاء" على "داعش" من خلال الحشد الشعبي.

وليس خافياً على أحد أنّ حرب اليمن أثبتت فشل إيران في حكم صنعاء، وأنّ "دمشق الصغرى" التي يحكمها بشّار الأسد، لا تحكم سوريا. فسوريا باتت "شركة مساهمة"، فرنسية أمريكية تركية إيرانية…

انتفاضتان في بيروت وبغداد وبخلفية مطلبية معيشية مالية اقتصادية، واستطراداً انتفاضتان في وجه "الحاكم"، الذي هو إيراني. وما هي إلا أسابيع على بدء الانتفاضتين، حتى خرجت جموع جائعة وغاضبة ومفلسة في طهران، على خلفية مطلبية ومالية واقتصادية أيضاً.

وإذا كانت إيران هي "قلب" المشروع الإيراني وعاصمته، فإنّ بغداد هي الجزء الأكبر من جسده، وبيروت هي ذراعه اليمنى. فهل هي صدفة أن تخرج الجماهير الجائعة والغاضبة في طهران وبيروت وبغداد في لحظة واحدة؟
بالطبع لا.

ما يجري هو إعلان لا لُبسَ فيه، عن فشل المشروع الإيراني. فبعد الحروب الأهلية التي دشّنتها طهران ووزّعتها على الدول العربية، وكانت لها محاولات في الكويت والبحرين والسعودية، إلى جانب لبنان والعراق وسوريا واليمن وفلسطين (غزّة)، ها هي الشعوب تعلن أنها لا تريد أن تخوض حروباً بالوكالة عن إيران، بل تريد أن تأخذ حقوقها الأساسية في الأكل والشرب وفرص العمل.

هي الشعوب وقد خرجت إلى الشوارع لتعلن فشل نظام "ولاية الفقيه" الإيراني في إدارة العواصم الواقعة تحت سيطرته، وفي إدارة "المنطقة" بشكل عام. فشلٌ لن يعترف به هذا النظام الأمني العسكري العقائدي، بل سيكابر، بالدم والعنف ولغة الأمن.

لكنّ الفشل وقع، فالشعوب جاعت، وحلفاء إيران وصلوا إلى قعر الحقيقة: الأجيال الجديدة في بغداد وبيروت، وفي طهران، ليست موافقة على ما وافق عليه آباؤهم وأمهاتهم، من استسلام لحكم "المرشد" الإيراني.

هذه الأجيال الجديدة، وإن لم تعلن صراحةً في بيروت أنّها خرجت بوجه "إيران"، إلا أنّ السياسة الإيرانية في السنوات الأخيرة هي التي تسبّبت بخنق النظام المالي والمصرفي والاقتصادي اللبناني، على سبيل المثال.

وبالتالي فإنّ العقوبات الأمريكية والانفضاض العربي، والتريّث الأوروبي (إن لم نقل "الامتناع") عن مساعدة لبنان من خلال تنفيذ مقرّرات مؤتمر "سيدر"، هو الذي أوصل لبنان إلى هذه المرحلة من الصعوبات المالية، والتي يشارف البلد معها على الإفلاس الكبير.

الأجيال الجديدة في بيروت وبغداد وطهران لا تريد أن يحكمها الإيرانيون، وأن تأكل "الكرامة" الموهومة بدلاً من الخبز، وأن تذلّ على أبواب المصارف والمستشفيات والزعماء المحليين، في حين تعوم على بحور من النفط والخيرات التي يريد الإيراني التصرّف بها واستثمارها في مشروعها الكبير التوسّعي في الدول العربية.

هي الحقيقة العارية، تقف في هذه العواصم الثلاث بين فم المواطن وبين معدته. المعدة الخاوية تطلق الصراخ، والجوع يدفع الناس إلى الخروج في وجه "الحاكم"، والحاكم هو إيران.

النظام العالمي، المالي والاقتصادي والسياسي، قال كلمته، وهي أنّه لن يسمح لإيران بأن تحكم خارج حدودها، ودون ذلك العقوبات والجوع، والشعوب فهمت الرسالة، وتريد تغيير النظام.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/11/18/%d8%a8%d8%ba%d8%af%d8%a7%d8%af-%d8%a8%d9%8a%d8%b1%d9%88%d8%aa-%d8%b7%d9%87%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%81%d8%b4%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%88/feed/ 0
جنون حزب الله: ساعدونا ماليا.. لنستعمركم https://www.mohamadbarakat.com/2019/09/30/%d8%ac%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%af%d9%88%d9%86%d8%a7-%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%aa%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%83%d9%85/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/09/30/%d8%ac%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%af%d9%88%d9%86%d8%a7-%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%aa%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%83%d9%85/#respond Mon, 30 Sep 2019 16:46:35 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=480 يبدو حزب الله في أعلى مراحل جنون نظريته السياسية، فهذا الحزب المتفاجئ من العقوبات الأمريكية عليه وعلى حلفائه، هو نفسه الحزب الذي ينتظر "ظهور المهدي المنتظر"، حتى "يملأ الدنيا قسطاً وعدلا"، وهي عقيدة شيعية تعتبر أنّ كل ما يفعله الشيعة هو "التحضير لظهور المهدي". والمهدي، في نهاية المطاف، سيسيطر على العالم ليملأه بالعدل، في ما يمكن اعتباره "احتلالاً عادلاً"، بحسب العقيدة الخمينية.

إذاً هو حزب يريد احتلال كوكب الأرض كلّه، ومن خلفه إيران، راعيته عقيدةً وتمويلاً وتسليحاً، وسياسةً بالطبع. وهذا الحزب نفسه غاضب من العقوبات الأمريكية عليه، ويحور ويدور على المستوى السياسي اللبناني، ويرسل وفوداً إلى واشنطن، ويهدّد المصارف، عبر الإعلام وعبر قنوات خاصّة، ليدفعها إلى عدم "الذهاب بعيداً" في مجاراة العقوبات، وبعض أبواقه الإعلامية تتحدّث عن "مصرفيين وسياسيين يقدّمون خدمات إضافية للأمريكيين" في هذا المجال.

ألا ينتبه قادة هذا الحزب إلى أنّه، هو وليس العالم، من أعلن العدوان الكامل والشامل، يذكّر هذا التصرّف الطفولي بقصيدة للشاعر زكي عباس بيضون، يقول فيها إنّه سيدخل الحمام، ويقفله جيّدا، بحيث يسجن العالم كلّه في الخارج.

هكذا يريد حزب الله أن يسجن العالم كلّه خارج شرنقته الأمنية والعسكرية، ونراه يهدّد صعوداً ونزولاً، من الولايات المتحدة وقادتها، مروراً بقادة الخليج ودوله، وصولا إلى أصغر موظّف في مصرف لبناني يرفض فتح حساب لأحد عناصره.

يروي أحد القريبين من حزب الله أنّ "السيطرة على العالم" هي عقيدة أساسية في حزب الله، حتّى إنّ المقاتلين والكوادر يتلقّون دورات تدريبية ودروساً عنوانها "الممهّدون للمهدي". وكلّ الحركة العقائدية والسياسية لحزب الله تقوم على أساس العمل، العسكري أوّلاً، تمهيداً لظهور المهدي، الذي سيحتلّ العالم.

هي إذاً عقيدة لها جانب تعبوي أساسي، ولها أهداف سياسية واضحة وخطوات عملية لا تُخفى على أحد، لا تبدأ بمحاولة إيران، عبر حزب الله أو بمساعدته، احتلال أجزاء من اليمن وأجزاء من العراق وأجزاء من سوريا، ومحاولة احتلال أجزاء من أراضي المملكة العربية السعودية، وبالطبع السيطرة على لبنان، ومحاولة الإطاحة بالحكم في مملكة البحرين، وتأسيس بنية تحتية عسكرية تمّ كشفها في الكويت، والتسلّل الأمني إلى مصر، الذي تم فضحه بعباءة غزّة.

الغريب وسط هذا كلّه، تفاجؤ حزب الله وقادته بأنّ الكوكب الذي يعملون للسيطرة عليه، بدءًا من احتلال المنطقة العربية، بدأ، ولو متأخّراً، يرفض محاولاته ويحاول محاصرة الحزب مالياً وتجفيف منابع تمويله، لمنعه من التمادي في عدوانه، ومن التفرّغ بعدها، ربما، لاحتلال بقية آسيا وأوروبا، قبل أن يقطع المحيط لاحتلال الأمريكيتين، ولاحقاً وأستراليا وألاسكا.

ولهذا الجنون تتمة، فأبواق حزب الله الإعلامية ونجومه على مواقع التواصل، يعتبرون العقوبات الأمريكية "حصاراً للمقاومة". ولا يخجلون من استعمال كلمة مقدّسة، وهي حقّ المظلوم بـ"مقاومة" الظالم، في توصيف اعتداءاتهم على الشعوب العربية والظلم الذي ينشرونه، من القصير على حدود سوريا اللبنانية، وصولاً إلى مدن اليمن الحزين.

إمّا أنّ الماكينة الإعلامية لحزب الله قاصرة عن حياكة رواية معقولة وقابلة للتصديق حول سبب "الحصار" المالي الذي يتعرّض له الحزب، وإمّا أنّ هذا الحزب بات منفصلاً عن الواقع، ووصل إلى مرحلة من النرجسية والانتفاخ المعنوي، جعلته غير قادر على استيعاب أنّ محاولته احتلال دول ستُقابل بـ"مقاومة".

وهنا تستعيد كلمة "المقاومة" قدسيتها ومعناها، فالذين يقاومون حزب الله، خارج لبنان، وأيضاً داخله، هم المقاومون الحقيقيون في القرن الحادي والعشرين. مقاومو النزعة التوسعية الإيرانية، الأكثر شرهاً ووقاحةً من النزعة التوسعية والعدوانية الإسرائيلية، وهي المشروع الاستعماري الجديد في العالم.

المقاومة تبدأ من القصير والزبداني، المحتلّتين من قبل حزب الله، ولا تتوقف في كلّ شبر عربيّ تحاول إيران احتلاله وطرد أهله وتغيير هويّته. وحزب الله اليوم هو المُحتلّ الغاصب، وهو الذي عليه أن يفهم لماذا بات ورماً يحاول العالم مداواته بمضادّات المال ومضادّات السياسة ومضادّات الأمن.

لبنان بات اليوم محكوماً من حزب الله. وبالتالي فإنّ العالم بات ينظر إلى لبنان على أنّه حزب الله، وحزب الله هو لبنان. ومحاولات طلب المال، عبر مؤتمر "سيدر" أو عبر استجداء ودائع واستثمارات، سيكون أصعب وأصعب؛ لأنّه من غير المنطقي أن يطلب المعتدي مساعدات من المُعتدى عليهم، كأنه يقول لهم: "أعطونا المال، ساعدونا، أنجدونا، لنستمرّ في الاعتداء عليكم… لنستعمركم".

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/09/30/%d8%ac%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%af%d9%88%d9%86%d8%a7-%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%aa%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%83%d9%85/feed/ 0
حزب الله ضعيف وخائف https://www.mohamadbarakat.com/2019/08/28/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b6%d8%b9%d9%8a%d9%81-%d9%88%d8%ae%d8%a7%d8%a6%d9%81/ https://www.mohamadbarakat.com/2019/08/28/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b6%d8%b9%d9%8a%d9%81-%d9%88%d8%ae%d8%a7%d8%a6%d9%81/#respond Wed, 28 Aug 2019 16:41:59 +0000 http://www.mohamadbarakat.com/?p=476 يدخل حزب الله عامه الرابع والثلاثين، هو الذي تأسّس في 1985. يشارف على إنهاء عقده الرابع، وقد بات لديه الكثير ليخاف عليه. لم يعد حزبا طائشا بعدما خبر حرب 2006 وكلفتها الكبيرة. على مشارف عقده الخامس يبدو منهكا بشحّ الأموال، التي كانت هي الأساس في صناعة زعامة لبنانية كبيرة له بعد حرب تموز 2006، بتوزيعها المغانم والدولارات على "أزلامه" في الطوائف والمذاهب الأخرى، حتى بات لديه "74 نائبا في البرلمان اللبناني"، كما أعلن قاسم سليماني بعد الانتخابات النيابية في 2018.

محور حزب الله الإقليمي يسيطر على لبنان، وعلى أجزاء من سوريا والعراق، وخصومه المحليون شديدو الضعف، فما الذي ستقدّمه له الحرب غير المزيد من العزلة المحلية والإقليمية، والمزيد من الانفضاض الشعبي، وربما الشيعي، من حوله؟

للمرّة الأولى في تاريخه، خرج الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى جمهوره خائفا ومتردّدا وضعيفا، يطلب من الأمريكيين أن "يضبّوا" الإسرائيليين عنه. فقد قال بالحرف: "إذا كان هناك أحد حريص بلبنان على ألا يحدث مشكل فليتحدث مع الأمريكي ليتحدث بدوره مع الإسرائيليين ينضبّوا" وأعادها: "ينضبّوا".

كان قد قال قبلها بدقيقة: "يا دولة، يا حكومة، يا ناس، تذكرون، أنا في كثير من الخطابات كنت أفتح هذا الموضوع وأقول اعملوا معروفا وأوجدوا حلا وعلاجا، إذا كان القرار الدولي الصادر حول حرب تموز يمنع الخروقات الإسرائيلية فلماذا لا تتوقف؟".

ولكن لماذا هذا التمهّل من رجل اعتاد جمهوره على أن يراه بصورة الزعيم الذي يخيف دولا بأسرها؟

يتعرّض حزب نصر الله وقوّاته لضربات إسرائيلية في سوريا منذ سنوات. وتسارعت وتيرة الضربات خلال الأيام الأخيرة؛ مساء السبت أعلن الجيش الإسرائيلي قصف قوات إيرانية قرب دمشق "كانت تخطط لإطلاق طائرة مسيّرة نحو أهداف في إسرائيل" ثم كشف الجيش الإسرائيلي في بيان عن هوية شابين ونشر صورتهما، قائلا إنّه قتلهما في الغارة، وإنّهما منتسبان إلى حزب الله.

فجر الأحد كانت طائرتان مسيّرتان تخترقان عمق الضاحية الجنوبية لبيروت لتنفجر واحدة منهما في مبنى يضمّ مكاتب إعلامية لحزب الله في منطقة معوّض. ومساء الأحد هدّد نصر الله بالردّ وطلب "ضبّ" الإسرائيليين عن حزبه. لكن فجر الإثنين كانت القوات الإسرائيلية تقصف أهدافا في العمق اللبناني تعود لـ"الجبهة الشعبية-القيادة العامة"، بزعامة أحمد جبريل، الفلسطيني السوري، الذي يدير قاعدة عسكرية في قوسايا بالبقاع قرب زحلة، وهو من بقايا النظام السوري في لبنان، ويحظى بمباركة إيرانية وحزب الله. كسرت إسرائيل بذلك قواعد الاشتباك التي ينصّ عليها القرار 1701.

وإذا كانت عملية "الطائرتين" غير واضحة كاعتداء مباشر، فإنّ اعتداء فجر الإثنين، على مسافة أقلّ من 24 ساعة من اعتداء فجر الأحد، كان واضحا ولا يحتاج إلى تحليل واستنتاج. كذلك بيان الجيش الإسرائيلي حول الشابين اللذين قتلهما قرب دمشق.

يعرف حزب الله أنّ الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية لا تسمح له بخوض حرب في لبنان؛ فدونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية، والعقوبات الأمريكية على إيران خنقتها ماليا، وكذلك خنقت الحزب العقوبات على داعميه في لبنان وحول العالم. عقوبات تقترب بسرعة من حلفائه غير الشيعة.

وكان لافتا بعد ساعات من ضرب "الجبهة الشعبية"، وعلى بعد يوم واحد من اعتداء الطائرتين في الضاحية الجنوبية، أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، الزعيم الثاني للشيعة في لبنان، خرج بتصريح لجريدة "الجمهورية" في لبنان متحدثا عن الأوضاع الاقتصادية وداعيا إلى "حوار اقتصادي"، دون أيّ كلمة عن الأحداث الأمنية والسياسية. وفي هذا رسالة مدوّية موجّهة إلى نصر الله بأنّ لبنان لا يتحمّل حربا جديدة، بل ربما المقصود أنّ الشيعة لا يتحمّلون حربا جديدة.

مُحاصرٌ نصر الله بالإفلاس المالي، وبالقصف الإسرائيلي الذي لا شكّ في أنّه أنهك قواه العسكرية والأمنية. مُحاصرٌ باستعدائه العرب، الذين لن يجدهم يغدقون عليه مليارات الدولارات لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية والجنوب اللبناني والبقاع حين يخرج من الحرب الآتية. مُحاصرٌ بانفضاض شعبي لبناني من حوله، خلافا لما كان عليه الأمر في 2006، حين فتح اللبنانيون بيوتهم للشيعة النازحين إلى الشمال وجبل لبنان وفي القرى والبلدات المسيحية والسنية والدرزية. مُحاصرٌ في سوريا التي لن تستطيع عائلات المقاتلين الهروب إليها كما فعلت في 2006. مُحاصرٌ داخل طائفته التي باتت خائفة من حرب تأخذ كلّ مكاسبها السياسية والإنمائية من سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.

بعد كلّ هذا، من الطبيعي أن يخرج نصر الله ليطلب عون الأمريكيين ونجدتهم له من الإسرائيلي.

حتّى لو بادر حزب الله إلى ردّ محدود على إسرائيل، عبر عملية مشابهة لعملية "الطائرتين"، فسيظلّ الحزب الذي تعرّض للاعتداءات وسكت كثيرا، لا لأنّه يخاف على لبنان، بل لأنّه يخشى الحرب، ويخاف على شعبيته، ومن الإفلاس، كما ينتظر القرار من إيران، المتمهّلة في تصريحات رئيس جمهوريتها ووزير الخارجية.

للمرّة الأولى، على لسان نصر الله، بدا حزب الله خائفا وضعيفا. وهذه ليست سوى البداية.

]]>
https://www.mohamadbarakat.com/2019/08/28/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b6%d8%b9%d9%8a%d9%81-%d9%88%d8%ae%d8%a7%d8%a6%d9%81/feed/ 0